آخر الأحداث

الإحصاء ومناهج وأدوات البحث الاجتماعي الميداني

هيئة التحرير18 سبتمبر 20241 مشاهدة
الإحصاء ومناهج وأدوات البحث الاجتماعي الميداني

عبد الواحد بلقصيري – باحث في علم الاجتماع السياسي

الأربعاء 18 شتنبر 2024 – 21:47

يعتبر الإحصاء العام للسكان والسكنى أحد أهم مصادر البيانات السكانية، وذلك بالنظر لما يتمتع به من دقة عالية في تجميع وتصنيف وتقييم وتحليل ونشر البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بجميع السكان في بلد معين أو جزء محدد بدقة من ذلك البلد وفي نفس الفترة. ،كما أنه يتيح إمكانية التعرف بشكل دقيق على خصائص السكان من حيث العدد والسن والجنس والمستوى التعليمي والمهنة والهجرة وظروف السكن والتغطية الصحية والمؤشرات المرتبطة بالتنمية البشرية والسياسات الاجتماعية ، كما أنه يعتبر إحدى الوسائل المهمة لمعرفة حجم التحولات الديمغرافية والاجتماعية والقيمية لأي بلد من أجل وضع سياسات عمومية ناجعة ومعقلنة ورشيدة عمومية آنية ومستقبلية، كما أنه يعتبر في الدول المتقدمة إحدى الاليات لوضع تصورات وخطط استراتيجية واستشرافية بعيدة المدى ،كما أنه يعتبر احدى الطرق التي تؤدي دوراً مهماً في تحليل واستخراج النتائج لمختلف البحوث والدراسات في مجالات العلوم كافة،وتعرف الامم المتحدة الإحصاء السكاني بأنها العملية الاجمالية لجمع وتصنيف ونشر البيانات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بوقت محدد لجميع الأضخاص في بلد ما محدد أو جزء من *1* بلد ما ، وتقوم معظم البلدان أيضا بتعداد المساكن ،فهي عملية جمع وتصنيف ونشر المعلومات عن المباني وأماكن المعيشة والمرافق المتعلقة بالبناء مثل أنظمة الصرف الصحي والحمامات والكهرباء والمياه،وتستعمل غالبية الدول مناهج البحث الاجتماعي وأدوات البحث الميداني وسنحاول في هاته المقالة تبيان بعض هاته المناهج والادوات والى أي حد استعملت في عملية الاحصاء الجارية الان . *2*
1- مناهج البحث الاجتماعي :
سوف أبين بعض المناهج الأساسية كالمنهج الإحصائي والمسح السوسيولوجي والمنهج النسقي والمنهج المقارن .
1-1المنهج الإحصائي :
استعمل المنهج الاحصائي من قبل دوركايم الذي يعتبر أول من استخدمها؛ وترجع أهميتها على أنها تمكن من الاستفادة من التقدم التكنولوجي من ناحية، ومن ناحية أخرى الاستفادة من المزايا التي تتيح من استخدام الإحصاء في البحث العلمي؛ وأهمها الموضوعية والدقة وتحيين المتغيرات الأخرى.
كما أن استخدام الأرقام يقلل من تأثير الأهواء الشخصية والعواطف ويساعد على تقرير الحقائق بدقة دون ان يترك مجالا. ويعتبر دوركايم Durkheim في كتاب قواعد المنهج علم الاجتماع أن هذا المنهج أضفى طابعا علميا مميزا على علم الاجتماع السياسي، وذلك من خلال دراسته لأنماط السلطة السياسية والذي حسبها إلى سلطة كاريزمية وسلطة تقليدية وسلطة عقلانية .
ولقد تزايد الاهتمام بهذا المنهج في التحليلات والدراسات في إطار علم الاجتماع السياسي .

2-1المسح السوسيولوجي :
تعد الدراسات المسحية أحد الأنماط الرئيسية للدراسات الوضعية والتي يستطيع الباحث عن طريقها جمع معلومات وبيانات عن ظاهرة معينة، لتعرض عليها وتحديد وضعها ومعرفة جوانب الحياة كلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويعد منهج المسح الاجتماعي من أساليب البحث العلمي الحديث نسبيا ومن الوسائل المنهجية أو طرق البحث العلمي السوسيولوجي التي يستخدمها الباحثون السوسيولوجيين وخاصة علماء الاجتماع .*3*
السياسي،ومن أمثلة ذلك مسوح السلوك السياسي الانتخابي ومسوح الإتصال السياسي والمسوح التي تعطي دراسة الظواهر السياسية . ويرى موريس أن المسح هو منهج لتحليل ودراسة أي موقف أو مشكلة اجتماعية .
1- 3المنهج النسقي :
إن الفكرة المركزية عند النسقية هي شروعها الى بناء نموذج من التفكير يتسم بالشمولية و قادر على دراسة التفاعلات الدينامية وليس التسمية وإدراك الأنقاض ليس بإعتبارها مجموعات سكنية بل مجموعات متحولة ويبين التحليل النسقي عند بارسونز على مفهومات أربعة أساسية :
– أولا : الفعل الاجتماعي؛
– ثانيا : الموقف؛
– ثالثا : الفاعل ؛
– رابعا : توجهات الفاعل

4-1 منهج دراسة الحالة
تمثل دراسة الحالة ذاك البحث المتعمق في العوامل المعقدة والمتعددة التي تشكل وحدة اجتماعية ما ، بالاستعانة بأدوات البحث الضرورية لتجميع البيانات من اهم صفات منهج دراسة الحالة هو التعمق في بحث الحالة المدروسة سواء كانت فردا ام اسرة ام تنظيما اجتماعيا وقد تباينت الاراء حول الموقع الذي تحتله دراسة الحالة بين مناهج البحث حيث رفض بعض الكتاب منهج دراسة الحالة كمنهج قائما بذاته؛ بل تعامل معه كأدوات لجمع المعلومات فقط من منطلق أن الحالة تستخدم لجمع البيانات في دراسة استطلاعية أو وصفية وليس هناك ما يمنع من استخدام دراسة الحالة في مناهج أخرى أيضا وتقابل هذه الكلمة في اللغة الفرنسية le cas التي تشير إلى الوضعية التي عليها الشيء لذا فان دراسة الحالة في اللغة العربية .
يقابلها في اللغة الفرنسية مفهوم ETUDE DE CAS المستخدم في البحث العلمي للدلالة على تلك الدراسة المتعمقة لحالة فردية او جماعية، هيئة سياسية، او اقتصادية او مؤسسة إعلامية .
واصطلاحا يرى أبرز العلماء الذين اهتموا بدراسة الحالة في البحوث الاجتماعية RIVILIN ، ان دراسة الحالة هي دراسة متعمقة للعوامل التي تمثل جدول الحالة ومحتوياتها ويمكن اعتبار الموروث اهم خصائص منهج دراسة الحالة حيث ان الباحث اثناء تطبيقه لهذا المنهج يملك دائرة واسعة من الفرص عند تطبيق لهذا المنهج ويخضع هذا المنهج الى عدة شروط أهمها :*4*
 المثابرة في جمع البيانات والمعطيات ؛
 صياغة بناء نظري مناسب للقيام بالبحث ؛
عدم الاكتفاء بالبيانات السطحية للحالة؛
1- 5المنهج المقارن :
استدعى الوصول إلى معرفة المنطقة العلمية استخدام العديد من الأساليب التي من بينها المنهج المقارن وذلك منذ زمن طويل يرجع إلى عصر ازدهار الفكر اليوناني القديم. وتكمن أهمية المقارنة في أنها ضرورية لاستكمال إجراء أي نوع من الدراسات، وذلك لأنها تساعد على معرفة العناصر الآتية والمتغيرة في الظاهرة المدروسة، الدراسة المقارنة لها عدة طرق لإجراء المقاربات ومنها:
 المقارنة عبر الزمان او المقارنة العمودية.
 المقاربة عبر المكان أو المقارنة الأفقية
2- أدوات البحث الميداني :
يعمل الباحث في حقل العلوم السياسية وعلم الاجتماع السياسي على إبتغاء طرق بحث أكاديمية متعددة من بينها البحث الميداني الذي نزاوج به بين أدوات عدة:
تعتبر الاستمارة أداة من أدوات جمع البيانات من المبحوثين المعنيين بالظاهرة أو المشكلة محل البحث، وتعد الاستمارة وسيلة تبين الباحث والمبحوث؛ وغالبا ما يلجأ الباحث لأسلوب الاستمارة لجمع المعلومات وهناك عدة طرق لتوصيل الاستمارة إلى المبحوثين . تم اللجوء إلى الإستمارة لإضفاء الصيغة الميدانية على بحث يزاوج بين علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي ، وتم في هذا السياق تقسيم أسئلة الاستمارة إلى :
 النوع الأول : أسئلة تطرح بشكل مباشر على المبحوثين؛
 النوع الثاني : أسئلة مرفوقة بعدة إجابات كاختيارات ، والتي الهدف منها الإجابة بشكل مباشر على الطرح الإشكالي لموضوع الدراسة او الاحصاء او الاستقصاء …الخ .

من خلال ماسبق يمكن أن نستنتج الخلاصات التالية :
الخلاصة الاولى : بالرغم منمع انه من الصعب حصر جميع مناهج البحث في العلوم الاجتماعية وادوات البحث الميداني ،إلا اننا لا ننفي ان قياس الامم والشعوب يقاس بمدى تطور البحث العلمي ومدى توسع مجاله ليشمل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والطبية وغيرها ، وبالرغم مع أن جامعاتنا جد متأخرة في التصنيف الدولي ،إلا ان هذا لا ينفي أن لدينا العديد من الابحاث والدراسات والباحثين المغاربة و الكولونياليين والانجلوسكسونيين الذين راكموالعديد من الدراسات الميدانية العلمية التي أغنت الخزانة والجامعة المغربية يجب استثمارها في مثل هاته المناسبات ، كما ان تقدم البحث العلمي رهين بالمشاركة القوية لجامعاتنا ومدى ومدى قيادتها لسفينة الاحصاء كعملية اجتماعية ميدانية سوف تكون مصدر التخطيط التنموي لمغرب المستقبل .
الخلاصة الثانية : أن الإحصاء العام للسكان والسكنى لهاته السنة استخدم استمارة قصيرة وطويلة تتوفر على عدة محاور مهمة بالرغم من تركيزه على الجانب الديموغرافي لعدد الاسر وعدد المساكن وطبيعة هاته المساكن، إلا ان استثمارها من طرف الباحثين الجامعيين وتطويرها وعدم التركيز على الجانب التقني في الإحصاء إضافة إلى الأعمال الخرائطية يمكن أن تساهم بشكل ما في تطور اليات البحث الميداني بالنظر إلى شموليته.
الخلاصة الثالثة : إن البحث الميداني يعد احد اساليب البحث العلمي الذي لا غنى عنه لدراسة الواقع وتطور المعرفة بالإنسان ، من خلال دراسة انماط متنوعة من ثقافاته وسلوكاته وهو أسلوب علمي منظم لدراسة ظواهر الواقع الاجتماعي والإنساني.