عاجل
كتاب وآراء

اليوم أبحث قليلا ما في الاحلام …

محسن الاكرمين

الخميس 25 أبريل 2024 – 21:30

كساد الأحلام.

كساد الأحلام، تلحق بنا من نوعيات تراكمات الحياة التي تبحر بنا نحو مجهول المتغيرات، ويمكن أن يكون التغيير بدون ربان متمرس على مواجهة شداد الأمواج. كساد الأحلام، إخفاق في نيل شهد الحياة الذي نتعثر عن نيله عند أول مخفضات للسرعة، وتدقيقا عند علامة تشوير”ما بعد الحداثة”. كساد الأحلام، هو أثر راجع عن سلوكيات متهورة، ومن نمط حياة الفزع المتردد، والذي ترسب تباعا مع سياسة اليأس والتيئيس، وتأصل بعقد اتفاق سري على استسلام الذوات للسلبية، وعيش تفكير رطوبة داخل الصندوق.

 من اليوم الحاضر وبعده المستقبل الآتي، ستنزل الأيدي الراية البيضاء، ويتم إعلان كساد الأحلام الطموحة في مجابهة أخطار منعرجات طرق الحياة الغائرة، والتي حتما لا تستقيم مع المتغيرات الفزعة.

التحدي.

من سلبيات الواقع يمكن صناعة الانتصار على كل الاكراهات بعزيمة التحدي والتصدي، ويمكن تحقيق المصالحة التامة مع الذات والآخر ووجه طبيعة الكون. خير التحدي حين نقاتل الانهزامية من البداية حتى النهاية، حين نصنع مركبا ورقيا ونحلم أن ربانه لن يتقاعس عن ركوب الموج، حين لا نجد متسعا من تخمينات التبرير ونقعد القرفصاء ننتظر ذلك اليوم الذي سيغدو فيه البحر ساكنا. خير التحدي ما فعله عباس بن فرناس حين طار من العلو وسقط مثل تفاحة جاذبية”إسحاق نيوتن” فاقدا لوعيه، لكنه علم الأجيال القادمة “أن من العلم ما قتل” علمهم أن الوضعيات المشكلة هي مسالك لكسب موجة النجاح، علمهم أن الإنسان كان قادرا على الحلم بمستقبل فضائي أفضل. 

قُبح 

من القبح الوضيع أننا اكتسبنا لغة الهدم والفتك بالتفكير والمشاعر الإنسانية، من القبح الاجتماعي الانحباس الجمال الداخلي، وتسويق بهاء “السراب” بتجميل ركوب الغرور المتقدم، وقتل طموح الكفاءة. من سوء التقديرات غير المتوافقة، حين سقطت الروح الطيبة من داخل الإنسان وباتت الشيطنة سيدة العلاقات، حين هوت الأحلام بفجوات المادة المميتة، وأضحت الكوابيس تأتي من مصاصي الدماء، وتلحق بهندسة الحياة وفق قبح وباء “الفساد”.

 طهارة.

هل نمتلك سيادة فكر التغيير؟ سؤال الطموح يصنع جواب الخوف وتنمية الحياة، يمتلك مفاتيح القبح والطهارة، يبيت مع البناء علوا ويصبح معولا للدمار الشامل. حين نفتش تقليبا عن الطموح نجده ضمن مكونات الذكاء الاجتماعي الصانع للتميز والتنافسية و التحدي، نقف عنه عند الذات الباطنية، والشخصية الظاهرية بمستويات السطحية أو بعمق التوازن.

 هو التملك بحد السلبية، وحب السيطرة ونفي خاصيات ومواصفات الآخر، هو مراقي التصادم والتعارض. لنعترف ونقول: أن للطموح أسلحة متحركة تنطلق من حماية الذات الباطنية، إلى حروب الاستيطان وتكبيل موجهات الظاهر. فيما الحقيقة أننا نعيش في غابة الخوف والظلام الأبيض، نعيش ضمن خانات تبعات فقدان الثقة في الذات والآخر، وفي اختلافات تفسير حلم أمل المستقبل. 

للطموح بحد الإيجابية تفكير وقيم ومشاعر إنسانية لبناء مجتمع المعرفة والتغيير الخدوم، بدل بعثرة الحياة وإجهاض بناء الكيان الوجودي العادل. 

سبحة الكاهن.

فيما جهد تدوير رواسب أزمة الذات وفقدان الثقة، فقد نالتا من مثقفي جيل الأحلام الوردية “الكوتشينغ” تذويب جليد قمة الجبل، ودحرج الكتلة الكبرى نحو مشاكل ممتدة في المكان والزمان. فمقاومة الشدائد لن تكون بتوجيه الكلام المعسول، لن يكون من سبحة يد كاهن فطن بالمشاعر المكسورة، لن تكون من تكهنات عرافة خبرت كيف تنمي طاقة الخطاب بأحلام القفز عن الآمال المجهضة ولو بالتمني.هي ذي وضعية صناع الفهم للذات والآخر المورطة في البهرجة والمثالية وتسويق القوافي. هي ذي القواميس الجديدة التي باتت تصنع “المصاحب(ة)” ولغة “الكوتشيغ” التي لا تختلف بعدا عن لغة عرافة، ماذا يخفيه المستقبل القريب والبعيد؟ 

من سوء فهمنا الجماعي أن المنطق والعقل والقدرات الذاتية سقطت من قاموس معادلات تفكيك المشكلات، حتى من حلول تفكير العقل”الفيزيائي”. من بله المهارات الخارقة “للكوتشينغ” الغوص في تنميط الأحلام الوردية، وبتنا نعالج المشاكل العويصة بكلمات فضفاضة مليحة، ونسوق حلم النجاح بلا أعمال بناء، ولا حتى ثقة في الذات، ولا في المستقبل.

 حقيقة أن حصص الفكر العقلاني تدنت بجفاف المعالجة المنطقية للمشكلات التراكمية، فأزمة الفكر والتفكير وبناء هندسة الحياة لن تجابه بقوة تلك الكلمات التي تفيض مشاعرا دفيئة، بل لزوما لا بد من ترك الفكر في منازلة عادلة مع فكر الرأي والنقد، فيما المشاعر فقيمتها في إنماء الوسائط الإنسانية البديلة.

 المقدمة التي أصبحت خاتمة.

لن تنقضي صورة الحياة بالموت إلا بإعلان نهاية الألم والتعب من ممارسة البطولات “الدنكشوطية” الحالمة. من منا، لا يعيش الحنق الداخلي من جل الإحباطات الحياتية؟ من منا، من يعترف بنقاط ضعفه و يقدر على تخطيها بسلام؟ من منا، من يعيش ازدواجية الانهزامية و القوة بين الواقع والذات؟ من منا، من لم يعش تأنيب الضمير عند ملامسة رأسه للوسادة ليلا؟ من منا، يكابد في تقية مستديمة صراعاته الداخلية وأزماته الخارجية دون تفكيك لمشكلاتها؟ أظن أن هذه البداية، فيما الخاتمة فهي مقدمة لفصل البحث عن حياة التغيير الموضعي.

زر الذهاب إلى الأعلى