في إطار الإحتفالات السنوية التي يخلدها الشعب المغربي قاطبة بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، عاشت ساكنة الجماعة الترابية البراشوة دائرة الرماني بإقليم الخميسات والجماعات المجاورة لها على مدى ثلاثة أيام إنطلاقا من 20/19/18 2023، على إيقاعات فعاليات وإحتفالات شعبية منقوشة بفنون “التبوريدة” التقليدية إحياء لهذه التظاهرة الثقافية الفنية والرياضية الرامية إلى حماية وصيانة الموروث الثقافي المغربي المتمثل في الإهتمام بالتبوريدة وإعادة الإعتبار لتراث الفرس والفروسية، التي تعد إحدى مكونات الهوية والحضارة المغربية الأصيلة، وذلك في إطار الأنشطة الثقافية والترفيهية التي تعمل الجماعة ورئيسها من أجل تحقيقها في أفق خلق متنفس يتمشى وطموحات سكانها.
وشهد اليوم الثاني من الموسم المهرجان، حضور وازن للعديد من الضيوف من بينهم البرلماني ورئيس المجلس الجماعي لعين السبيت السيد رحو الهيلع ورئيس المجلس الجماعي للبراشوة السيد رشيد القدراوي وأعضاء وعضوات المجلس الجماعي للبراشوة ورئيس جماعة زحليݣة ورئيسة جماعة مرشوش وقائد قيادة البراشوة والعديد من المسؤولين المحليين والمنتخبين والأعيان وفعاليات جمعوية وإعلامية، حيث أقيمت على شرفهم مأدبة غذاء في أجواء إحتفالية.
وقد عرفت نسخة هذه السنة من المهرجان، مشاركة أزيد من 20 سربة تنتمي إلى جماعة البراشوة وإلى الجماعات المجاورة المعروفة بتربية الخيول المحلية، يجمعها شغف ركوب الخيل والمحافظة على هذا الموروث الثقافي الفني الأصيل الذي أصبح تقليدا بعدما أوشك فن الفروسية التقليدية على الإنقراض بفعل عوامل ظاهرية كالجفاف وغلاء العلف والعصرنة والتطور التكنولوجي، وعرف مهرجان هذه السنة حضور جماهير غفيرة وتوافد زوار بشكل مكثف من مختلف الجماعات المجاورة لجماعة البراشوة وإقليم الخميسات بالخصوص وكذلك من بعض المدن المجاورة مثل الرماني عين السبيت جمعة مول البلاد زحليݣة الخميسات تيفلت الرباط سلا القنيطرة تمارة عين عودة، مرس الخير، أما عن الخيول المشاركة فقد وصل عددها حوالي 500 فرس، وتضمن المهرجان رواقات موازية لميدان سباق الخيول اشتملت على رواقات خاصة بفن الهيت الزعري ورواقات أخرى للموروث الثقافي الفني المتمثل في تنظيم سهرات فنية، كم إستفاد الأطفال من مجموعة من الألعاب الترفيهية التي تم نصبها بالفضاء المجاور للملعب الخاص بالتبوريدة.
و تابعت جماهير غفيرة متعطشة لمثل هذه التظاهرات فعاليات المهرجان، وهي تجمع بين الفرجة والحماس والتشجيع التلقائي، وهو أمر تؤكده نسبة الحضور المرتفعة وكذا حضور بعض من أفراد الجالية المغربية بالخارج وعدد من الضيوف و الزوار من خارج جماعة البراشوة.
و سهر مجلس جماعة البراشوة والذي يرأسه الرئيس رشيد القدراوي وأعضاء المجلس الجماعي للبراشوة على توفير كل الوسائل اللوجيستيكية واللتنظيمية لإنجاح المهرجان وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية والأمنية من قوات المساعدة ومصالح الدرك الملكي وأعوان السلطة التي واكبت عملية المرور وإستباب الأمن، كما جندت جماعة البراشوة سيارتين إسعاف من أجل السهر على صحة وسلامة الجميع خلال أيام هذا المهرجان.
و حسب ما عاينه الطاقم الصحفي لجريدة “صدى المغرب” فقد شهد المهرجان، رقما قياسيا من حيث الزوار وهواة الخيل من كل مناطق الإقليم وخارجه، الذين حلوا من أجل متابعة العروض الشيقة للفروسية التقليدية، وأيضا الإستمتاع بالإيقاعات الفلكلورية التي تجسد التراث المحلي الأصيل، كما إتسم المهرجان بحسن التنظيم، حيث سهرت جماعة البراشوة على توفير الظروف المناسبة وذلك برش أرضية ملعب التبوريدة بالماء لتافدي الغبار الذي يضايق الجمهور المتتبع لمنافسات التبوريدة، كما عملت ذات الجماعة على تهيئ مواقف للسيارات لتفادي الإزدحام.
والهدف من تنظيم هذا المهرجان السنوي هو إشعاع ثراء التراث المحلي وجلب إهتمام المتتبعين لهذا النوع من التحام ساكنة جماعة البراشوة بمختلف قبائلها وشرائحها من أجل تبادل التجارب وتقديم أعمال فنية ثقافية للجمهور المتعطش لمثل هذا النوع من الأنشطة، ولقد إستمتع الحاضرون بلوحات من فن التبوريدة أبدع خلالها فرسان شباب وشيوخ ينتمون لسربات مختلفة.
وفي حديث خص به رئيس جماعة البراشوة جريدة “صدى المغرب”، رحب السيد رشيد القدراوي، بجميع زوار المهرجان الذين جاؤوا لإحياء التراث والمشاركة في هذا الإحتفال، وقال إن المهرجان يعد موعدا سنويا هاما في الأجندة الثقافية للمنطقة، وأبرز السيد القدراوي أن دورة 2023 تأتي في ظروف خاصة ومميزة ضمن الإحتفال بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، مبرزا أن المجلس جند كل إمكانياته لإنجاح المهرجان وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية والأمنية من قوات المساعدة ومصالح الدرك الملكي وأعوان السلطة، ولم يدع الفرصة تمر ليتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاح المهرجان السنوي للفروسية التقليدية “التبوريدة” بجماعة البراشوة، والذي يعتبر موروثا ثقافيا ترفيهيا، مؤكداً على أهمية هذا الحدث الفني الذي عرف مشاركة فرسان يمثلون مختلف قبائل إقليم الخميسات وخارجه، وكذا من الجالية المقيمة بالخارج الذين أصروا على المشاركة في المهرجان الذي يشكل فرصة للقاء بين الأسر والأصدقاء وتعزيز أواصر الصلة بعادات وتقاليد المنطقة، مشيدا بالجهود التي بذلها كافة القائمين على هذا المهرجان لإنجاح مختلف فعالياته، مبرزا أهمية هذه التظاهرة التي توفر فرصة لتحقيق التواصل الإجتماعي من خلال أجواء إحتفالية تراثية تعكس الأبعاد الرمزية والثقافية للفرس وفن التبوريدة في الهوية الثقافية المحلية وكذا الوطنية.
وأبرز السيد رشيد القدراوي أن المهرجان السنوي للفروسية التقليدية “التبوريدة” بالجماعة الترابية البراشوة، يروم على الخصوص تسليط الضوء على الأبعاد الرمزية والثقافية المتجذرة للفرس في الهوية الثقافية الوطنية، وفن التبوريدة كتراث تاريخي أصيل من جهة والمساهمة في التعريف بالمنطقة وبمؤهلاتها الفنية والثقافية والفلاحية من جهة أخرى.
وأكد القدراوي في ذات الصدد، “نسعى إلى ترسيخ هذه الثقافة حتى لا يندثر هذا الفن”، مبرزا أن هذا التراث يمثل حلقة وصل بين الأجداد والشباب وجب علينا العناية به حتى لا نفقد هويتنا.
وأجمع الحضور من الجماهير في إستطلاع مباشر على أن نسخة هذا المهرجان شهدت تغييرات كبيرة على مختلف المستويات كالبنيات التحتية والمسالك المؤدية لمحرك الخيل، والإنارة العمومية وتوفير الماء الصالح للشرب، وأيضا على المستوى الهيكلي والتنظيمي والأمني.