العربي كرفاص -نيويورك
الثلاثاء 10 اكتوبر 2023 – 20:39
بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، خلال أيام 4، 5 و 6 من شهر أكتوبر الجاري لسنة 2023، بمناسبة انعقاد اللجنة الرابعة، أثناء الجلسة العامة الخامسة للجمعية العامة في دورتها 78، تمّ تثمين مبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، التي تقدمت بها المملكة المغربية عام 2007، بدعم من الأصوات المحلية والجهوية والوطنية والعابرة للأوطان.
من الجدير بالذكر أن هاته الأصوات لا تدعم مقترح الحكم الذاتي فحسب، بل تؤكد وتؤيد كونه الحل الأكثر واقعية وعدلاً ومعقولية واستدامة للصراع المفتعل بالمنطقة. وذلك استنادا إلى نجاح نماذج وتجارب مماثلة في حالات كثيرة بعدة مناطق في العالم، منها على سبيل المثال لا الحصر؛ الكاميرون، توغو، تنزانيا، المكسيك و وبوليفيا،…
إن العروض والمقترحات المقدمة في هذا السياق لا تعكس فقط الاحترام العميق للحوار في الأمم المتحدة، المنظمة التي تنصت وتحلل وتواكب باستمرار، بل تناولت أيضا الطلبات ذات الطبيعة المتعددة التخصصات، الواردة من مختلف الأطراف بالعالم، مثل؛ الفلبين والأوروغواي والمكسيك وإسبانيا والأردن وعدة دول إفريقية والولايات المتحدة وفلسطين وغيرها. وأعرب هؤلاء الفاعلون عن تضامنهم الكامل مع المملكة المغربية ومخططها للحكم الذاتي، باعتباره الخيار الأمثل والأكثر نجاعة لوضع حد لهذه الحلقة الصراعية التي تعكس أبشع جوانب الوضع الإنساني للمغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف، والتي ستكون مفتاح التنمية الشاملة والمستدامة.
عرف اجتماع اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة مداخلات أكاديميين، باحثين، سياسيين، نواب، رجال أعمال، صحفيين وفاعلين وأعضاء من المجتمع المدني وغيرهم. كل منهم ساهم بحكم تخصصه وموقعه، وقبل كل شيء خبرته ومعرفته بالموضوع. وتم استخدام الحوار بناءً على حجج قوية وتقارير مدعومة ببيانات وإحصائيات حقيقية ومعطيات دقيقة وتحليل معمق يحمل بين ثناياه أبعاد إنسانية.
هذا، وحضيت خطة الحكم الذاتي في مجملها باعتبارها الحل الأكثر منطقية وواقعية بتأييد الجميع، كما انتهز المشاركون في مداخلاتهم الفرصة لتسليط الضوء على المشاكل الملحة في المنطقة، وحثوا اللجنة على تطوير الآليات المناسبة والملائمة لمعالجتها بأقصى سرعة ممكنة. وتشمل هذه المشاكل مشاركة الأطفال في النزاع المسلح، وتحويل المساعدات الإنسانية من قبل قادة جماعة البوليساريو الانفصالية، فضلاً عن المعاملة اللاإنسانية التي تعاني منها النساء والأسر. وفي ذات السياق، تم التأكيد على أهمية تعزيز السلام في المنطقة باعتباره مفتاحا لتحقيق التنمية المستدامة في الصحراء المغربية.
وتميز هذا الحدث من جهة أخرى بتسليط الضوء على التقدم المحرز في منطقة الصحراء المغربية بفضل الحكامة المحلية وتنفيذ وإنجاز العديد من المشاريع، بما في ذلك التطوير الكامل لبرنامج الأقاليم الجنوبية 2015. و تم التركيز على إمكانات الطاقة التي تتمتع بها الصحراء المغربية، التي تعتبر رئة قارة إفريقيا وأكبر احتياطي للطاقة في العالم. مما سيؤثر إيجابا على الاقتصاد المحلي والإقليمي والوطني والدولي، باعتبارها الطريق الأكثر أمانا لمعالجة المشاكل الناجمة عن تغير المناخ وديمقراطية الطاقة. كما استقر رأي جميع الحاضرين على تعزيز وإرسال فرص السلام وحل النزاعات كأهداف ذات أولوية على المدى القصير والمتوسط والطويل.
وفي ورقتها الخاصة، أكدت الدكتورة أمينة المكاوي، الباحثة المكسيكية المغربية الأصل الباحثة الأنثروبولوجية بمجال الطاقات المتجددة والسياسات الاجتماعية بجماعات المايا بالمكسيك والمدافعة عن القضية الوطنية، بأن الصحراء هي الاحتياطي العالمي و رئة الطاقة بالقارة الإفريقية، كما تطرقت إلى الإمكانيات الهائلة للطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية والريحية سيما مع المبادرات التي تمت في هذا السياق، خاصة المشاريع المنجزة بالأقاليم الجنوبية بالمملكة المغربية لسنة 2015، وكل مجهودات الدولة و الحكومة من أجل التنمية، والرامية إلى النمو الاقتصادي بكل أشكاله سواء بالقارة الإفريقية أو على الصعيد الدولي. وأستطردت الدكتورة أمينة المكاوي موضحة بأنه لتحقيق هذه المرامي والغايات لا بد من خلق آليات لتفعيل السلام المستعجل بالمنطقة، لأن التنمية المستدامة انطلاقا من الطاقات المتجددة، حسب ذات المتحدثة، سيكون لها أثر إيجابي على التنمية والاقتصاد والعلاقات الدولية. وأضافت الباحثة الأنثروبولوجية، المكسيكية من أصول مغربية، أنه انطلاقا من خبرتها ومعرفتها بالمكسكيك وتجربة هذه الدولة الناجحة في مبادرة الحكم الذاتي، فقد دعت وناشدت من منبر الأمم المتحدة المجتمع الدولي لدعم مبادرة الحكم الذاتي المقترحة من المملكة المغربية لأنها واقعية، مستدامة ومنطقية، خاصة أن الحكم الذاتي هو الحل الأنجع.
ومن جهة أخرى، اتسمت المداخلات الداعمة لانفصاليي البوليساريو بافتقادها للواقعية والمعطيات المضللة والغير الصحيحة والوهمية وافتقادها المخزي للمضمون الصلب، واعتمدت على التلاعب وتقديم قصص كاذبة، واتهام كل من المغرب وإسبانيا والأمم المتحدة بالمسؤولية عن إطالة أمد الصراع في المنطقة.
يشار إلى أنه لوحظ بشكل واضح غياب ملحوظ للأصوات النسائية، مما يدل على عدم المساواة بين النساء والذكور، مع استبدال أصوات النساء بناشطين من أمريكا اللاتينية. من هنا، كانت المفارقة والتناقض الصارخ؛ أن من يتهم الآخرين بانتهاك الحقوق هم بالذات من ارتكبوا هذه الانتهاكات. إضافة إلى ذلك، حضر مشاركون من جزر الكناري الإسبانية، مستغلين المناسبة لانتقاد السياسة الخارجية لبلادهم والقيام بدور حماة الجماعات التي لا هوية لها، فيما اقتصرت بعض مداخلات الجزائر على ترديد خطابات التضامن من البداية. تجدر الإشارة إلى أنه نتيجة لتصرفات غير أخلاقية، طلب ممثل المغرب نقطة نظام وطلب من رئيس اللجنة منع الملتمسين من التدخل في حالة حدوث اعتداءات على مؤسسات الدول الأعضاء.
في هذا السياق يمكن أن نخلص إن الخطاب المؤيد للسلام يبرز من وجهة نظر المملكة المغربية، في حين أن هذا التوجه لا يجد صدى من الجانب الآخر المعادي للسلم والسلام والأمن والاستقرار. إن الوضع مثير للقلق، نظرا لاستمرار النزاع المسلح واستغلال الأشخاص الذين يتم التلاعب بهم لتحقيق أجندات سياسية مقيتة. وفي الوقت نفسه، يعاني الأبرياء بمخيمات الذل والعار من ظروف معيشية غير إنسانية، مما يعيق التنمية في المنطقة، وهو سلوك ووضع لا إنساني يحاربه وحاربه المغرب لسنوات طوال.