ذ. مراد احتي محلل سياسي – باحث بمختبر الدراسات الدستورية.. تحليل السياسات والأزمات بمراكش.
السبت 16 مارس 2024 – 16:37
من وجهة نظركم أية دلالات للدعم المغربي الموجه للشعب الفلسطيني؟
لقد تابعنا جميعا، كيف أن البعد الإنساني يكتسي أهمية قصوى في السياسة الخارجية للمملكة المغربية في علاقته مع أعضاء المنتظم الدولي، فقد دأب المغرب على مد يد المساعدة لكل الدول التي تمر من ظروف صعبة أو أزمات إنسانية، بل إن المغرب هو البلاد التي تميزت بقدرتها على رفع الحصار على الدول مهما بلغت شدته، وأبرز مثال في هذا السياق هو ما وقع مع قطر، ثم فلسطين نظرا لتداعيات الحرب التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023.
ويعتبر تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني بمبادرة ملكية إنسانية كما عودنا على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أمراً متوقعا للغاية في شهر رمضان المبارك، لكون العاهل المغربي هو أمير المؤمنين طبقا للفصل 41 من الوثيقة الدستورية من ناحية، ولكونه أيضا رئيس لجنة القدس من ناحية ثانية، فالملك محمد السادس مارس صلاحياته الدينية فقط والتي تحظى باحترام من لدن إسرائيل التي تعترف بدور لجنة القدس في حفظ السلام بفلسطين، كما تكن احتراماً وازنا لشخص جلالة الملك محمد السادس نظراً لتاريخ العلاقات المغربية اليهودية.
ولعل ما يميز هذه المبادرة هو أنها جاءت في ظل وجود حرب شرسة قائمة تبذل فيها اسرائيل كل ما في وسعها للتضييق على الفلسطينيين بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية؛ القوة الأعظم في العالم، الأمر الذي جعل مجموعة من الأنظمة العربية عاجزة تماماً عن بذل أي مجهود أو محاولة لتقديم العون للفلسطينيين سواء إنسانيا أو دبلوماسياً أو سياسياً، باستثناء المغرب الذي كسر الحاجز وتمكن من اختراق الأراضي الفلسطينية لمجموعة من الاعتبارات يتميز بها المغرب دولياً على سبيل الحصر.
كيف استطاع المغرب إدخال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية برا ؟
إن هذا السؤال الجوهري يجد جوابه في التاريخ العريق للمملكة المغربية الذي تولدت عنه علاقات متينة مع الدول العظمى المسيطرة على الساحة الدولية، فالمغرب الذي يمثل قوة جهوية وإقليمية ونظرا لوفاءه بالعلاقات المؤسساتية التي تربطه بالحلفاء والشركاء عبر قرون من الزمن كأمريكا وبريطانيا ودول الشمال عموما، في إطار التعاون المشترك والترافع المتبادل عن القضايا المشتركة في العديد من المجالات، مكنه من القدرة على التأثير بشكل واضح جدا في صناعة القرار الدولي خاصة على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط.
ما هي أثار هذه المساعدات المغربية على الشعب الفلسطيني؟
من المعلوم أن الفلسطينيين في حالة حرب مع إسرائيل، ومن تداعيات هذه الحرب أن أنتجت أزمة غذائية حادة لاسيما في غزة باعتبارها المنطقة الأكثر تضررا، بيد أن المغرب أقدم على المساهمة في حل هذه الأزمة والتخفيف منها من مدخلين أساسيين، الأول يتمثل في المساعدات التي وصلت عبر المعبر البري لأول مرة منذ بداية الحرب، وهي المساعدات التي سوف تنقذ حياة آلاف الفلسطينيين بشكل مباشر، أما المدخل الثاني فهو كون المغرب تمكن من رفع الحصار على غزة وكسر جدار العزلة التي كانت فيها، مما سيشجع على ظهور مبادرات إنسانية أخرى سواء من الدول أو المنظمات الدولية والتي أرجح أنها لن تكون عربية للأسف على اعتبار أن الجرأة التي يمتلكها المغرب تفتقدها العديد من الأنظمة السياسية الأخرى التي ترى في القضية الفلسطينية تهديدا لمصالحها بسبب تخوفها مما قد يقوم به الاسرائيليون.