محسن الأكرمين.
الأربعاء 18 شتنبر 2024 – 20:05
مدخل: حين يختلط الفكر والأدب ونفحة من الفلسفة القديمة، و كذا شمة من الحداثة(البعدية)، يحدث مرات انسجام الكتابة بالتلاحم والتطعيم، و مرات أخرى قد يتوتر ويثور في وجه ناظم تعامد تناص والذي لا يشابه المحاكاة (الواقعية والمثالية) ولا التطهير (النقد البنائي) … هو النص الأدبي المشحون والملغوم الذي أقدمه لكم كوجبة قابلة للتفكير…. مودتي لكم جميعا أصدقائي الأوفياء….
فكرت وقوفا، ولم أقدر البتة الإجابة المريحة، وتجاوز عُمق تساؤل بسيط ومحير: كيف تتجنب سقطة من صدمة الحياة؟ فكرت في تحليل ملفوظ التساؤل بعقلية التفكيك والتركيب والتبسيط، لكن أعترف لكم بفشلي فقد ضاعت مني صفة نصب حال المنهج التاريخي، وآليات التوفيق وبناء تعامد التناص البنائي. أتلفت حتى أنساق المنهج البنيوي، ولم أعد أقدر على التفكيك والترتيب، وفي الأخير لزاما تقلص تفكيري مساحة بينة، وبدت تشع مني تخوفات مُدْركات مخاطر علم عدم اليقين، والمرتبط بتأكيد الحلول الاجتماعية: كيف أتجنب الفشل و مروعات صدمة الحياة؟
حقيقة مُرَّة، فقد كنت أحمل مجموعة من أضرار متراكمة، ومتلاشية على الصعيد النفسي والذاتي، وكذا أضرار هشاشة نظرة على مرمى رؤية إحساس العين بأثر تكرار الصدمات المتفحمة. هنا رأيت أن هوة الصدمة يمكن أن تتناسل بأكثر حرية وبمتوالية ادفع، وبالاستمرارية التكاثرية غير المحصنة لا بالأخلاق، ولا بالقانون، ولا بالقيم والحداثة، وهي نفسها من تُفْسِدُ عليَّ حلاوة الاختيار، والتفتيش عن مسالك التسوية الجديدة، والعيش في اطمئنان الذات والأنا العليا.
حين فكرت قُعُودا تناولت الاطمئنان كأنفة حاذقة، لكني فرملت التوقف الإجباري عند رؤية علامات الخطر بتحذير ثان (انتبه): إياك أن تثق في النتيجة اليتيمة (الواحدة)، فهي تتلهى بالمشاعر تعبا واستهلاكا، وقد تتلاعب بالفرضيات وبالخلاصات، وطبعا لن تفيض باتساع اكتساب الأحاسيس مُتْعة ورِفْعة!! هنا أعلنت أن الثقة في الاعتقاد المتموج توازي فرز أحكام المطلق والمتشابه، لكني عدت نحو قُعودي البدائي، وأنا أُمَانع تشتيت رؤيتي وفق أصول التأويل بالرأي والقياس، ومدى صدق نتائج العقل والاجتهاد، لكن صدمة الحياة أوصلتني أني لن أقدر على تحديد الفرق بين السبب والعلة، فبالأحرى استخلاص الأحكام القطعية لسد ما سد الخبر من المقاصد المستحدثة.
لِكُل مِنَّا (كَاوِية) حَمِئَة اكتوى منها يوما ما كَيا ثقيلا أو خفيفا. فاحترقت المشاعر والأحاسيس دموعا، وبات مثل من لُسِعَ من الجحر دون بيان حقيقة. لكل مِنَّا ذكريات توازي مخطوطات غير مصنفة من فلسفة الحياة، تُقَايس حكاية (بودا) القديس الذي لا يؤمن بحظ العثرة، بل كان (بودا) يؤمن إيمانا قطعيا بالنتيجة الطيعة والارتخاء النفسي، وضبط التوجس الفيضي في حلم المستقبل المستنير. من فلسفة الحياة (الحداثة البعدية) عندما نتحرر من أوات (آهات) المعاناة التي بدواخلنا، تنفرج قيمة الحياة، وتتزين طيعة مثل عرائس سماء مطرة، وهنا تحلو الأيام زينة وبسرعة هدوء نتف الثلج المتساقطة بين السماء والأرض. هي التجارب الاجتماعية العالمية التي علمتنا أن الضغط عندما يزيد، يولد الانفجار الفيزيائي العشوائي. هي خبرات فلسفة (بودا) في الحياة التي علمتنا أن قوما مِنَّا يرغبون في سماع الانفجار المدوي، ومنه تزيد أعمارهم امتدادا، وتتسلط أيديهم تحكما في رقاب العباد والفضاء.
نهاية قد تتفحم المشاعر السلبية، وقد تترك الأحاسيس مُسممة وتَنْتظر ساعة النهاية الأبدية، وقد يُضحي الشعور الفطري البدائي يتسلل نحو تقمص الرفض من ذات تجاه الذوات الأخرى. ونحن في غفلة من التحولات ذات التكتونية الاجتماعية، والخالقة لبؤر التوتر الزلزالية.
من صدمة الحياة البسيطة والمتماسكة، حين تنظر في عيون الناس البسطاء تجد أن (التلفة) تلفهم بالشَدِّ. تقف أنهم في سباق زمن الجري عن (طرف من الخبز) وفي حرب مع (الكاوية) العالقة ببدايات صدمة الحياة. فالغلاء الفاحش أصاب ونهب، وبات المواطن البسيط يُغالب العيش، ومحاولات التأقلم مع الأوضاع الجارفة، وهو لا يدري جَرْيا تُجاه ذاك المستقبل المجهول، لكن خبراء التخطيط النفسي يقولون : أبشروا فالخير أمامكم، وما عليك إلا الصبر والتحمل، وتجنبوا التَّضَمُّرَ !! (إلى صَبَرتُو تَاكْلُوا الزرع لِي ما حرثوا…) ولكن يجب أن يكون جوابكم الجماعي مثل تَرْدُيد الكورال الطيع (صَابْرِينْ صَابْرِينْ… صَابْرِينْ).