محسن الأكرمين.
الاثنين 04 نونبر 2024 – 16:22
مرات عديدة نُثقل عاتق مدينة مكناس بالمطالب والتمني والحلم التنموي، وحتى التأسي السلبي على كل مستويات الحياة والتي تبدو متهالكة. فقد بات النقد حاضرا فينا بالتوسعة الفضفاضة، وكأن المدينة تقع بعيدة عن مركز ترشيد التنمية، وعدل توزيعها على الأقطاب الجغرافية الوطنية. قضية تحقيق سياسة التمكين لمدينة مكناس نتوزع في انتكاسته شيعا وقبائل، ولازال الجميع يستعمل شماعة المقايسة بين الزمن الماضي (المجيد/ الذهبي…) للمدينة، والزمن الحاضر بإكراهاته ومطباته (السياسية والقيمية).
اليوم نقتطف قطعة من قصيدة الإمام الشافعي (رحمه الله):” نعيب زماننا والعيب فينا … وما لزماننا عيب سوانا… ونَهْجُو ذا الزمان بغير ذنب… ولو نطق الزمان لنا هجانا…”. صدق الشافعي (رحمه الله)، فالزمن الرديء صنعناه بأيدينا وأيدي الأسلاف، وزاده الخلف توهجا بهذه المدينة الطيعة الطيبة المعطاء.
صنعنا التبعية بشتى أنواعها (فاس مكناس)، وانقسمنا مثل الذَّرَّة على صناع القرار السياسي بالمدينة (تملقا). صنعنا أصناما من حجر السياسيين، ولازلنا نصفق ونحن نتفنن في اختار المختار(المهدي) المنتظر !!! صنع (البعض مِنَّا) رحلة الهرولة والانبطاح عند عتبات الفساد، ونهم موائد الريع (حلال)… قد نختلف في الرأي، لكن مصائب ونكبات المدينة نتحملها جميعا بالمسؤولية مع تباين الصفات والمهام والأدوار، ولما لا حتى عند ممارسة التقية والصمت !!!
مدينة تعيش أنشطة متنوعة من أوجه الابتزاز السياسي، والمتحورات (الجديدة) من استبدال (المواقع الحزبية) والخروج من (جلباب) الوفاء للكفيل والمؤسسة الحزبية. تعيش آفة المنازعات السياسية البائدة، وكأن مكناس محفل دولي للسياسة الأممية، وتصفية الخلافات الشخصية !!! مدينة تعيش التباينات في البناء السياسي المتهالك، و جر الحبل في التموقعات الحزبية. فأصبح (المارق) السياسي يتلون بجميع الألوان حتى في زمن (الوقت البدل الضائع)، ويعبر في ترحاله عن العقل (النفعي/ أنا ومن بعدي الطوفان…). ترحال سياسي متهالك يعبر عن كفاف الفكر، والسلوك المنحرف عن أسس مقومات الالتزامات والتعاقدات مع الشرائح الناخبة !!! فهم بحق، باتوا مثل الدمى المتحركة تتحرك وفق التحكم عن بعد، وتتلون بألوان طيف (عرس الذئب) !!!.
مشكلة مكناس لا ترتبط بتاتا بتمجيد الماضي (ولو نطق الزمان لنا هجانا…)، فالماضي إن فحصناه بالتفريك والفحص والتحليل، لوجدناه يحمل إكراهات أخرى متشعبة، ومتنوعة من طينة غياب سجل (تاريخ الفقراء) و فشلنا في استحضار بيانات (التاريخ المسكوت) !!! فالزمن الذي يحمله (البعض منَّا بالتعويم)، وفي أدمغتنا التفكيرية مهما كان حاضرا أو ماضيا، فهو يبقى مغلوبا عن أمره (مُسير وغير مُخير) في ظل فساد من يصنع ويكتب التاريخ السياسي بالمدينة، وفي ظل غياب التغيير وفق أنظمة الحكامة، والانتهاء من (شوهة) الديمقراطية (المؤجلة)، والتي تضمن الاستمرارية على الكراسي لأهل (الحل والعقد) .
قد لا نجد مشجبا نُعلق عليه إخفاق المدينة برمتها الكلية، غير الذوات اللاناضجة في أسس التعامل مع مكناس بالجمالية والفنية ورد الاعتبار للإنسان والأرض، وتحقيق التصويبات الممكنة القانونية والعدالة الاجتماعية الشاملة. فرهانات الزمن السياسي بمكناس يتغير يوما بعد يوم وغير قار بالسكونية والطوعية !!! وكأن المدينة تمتطي البراق (التاريخي) لا (الصناعي) الحديث!!! زمن مكناس لا يتوقف عند المنجزات السليمة، بل يتوقف بعلامة (قف) ومتوالية المدينة في ( ادفع بالسكونية)، وفي انتظارية (معادلة الإنصاف) الغائبة، وفي الزمن السياسي كحركة غير صحيحة، تنتج فقط سياسة اللامبالاة، و ملء الفراغ بما سد الخبر !!!
مدينة تتسع عمقا للكادحين والمنهوكين، في ظل تزايد الجحافل العريضة التي تتخوف من زمن الحاضر ومن المستقبل !!! في حين تُظهر تخوفات أخرى غير ذات أنفة لبعض المحظوظين السياسيين، ومتناولي سُحت (الريع حلال) من التحولات الممكنة، نحو الدمقرطة الحقيقية للفعل السياسي والانتهاء من زمن السياسي الانتهازي.