صدى المغرب – محسن الأكرمين.
الخميس 21 نونبر 2024 – 21:00
منذ ما يزيد عن بضع سنين لم تطأ قدماي سوق مدينة خنيفرة، كنت بحق من الملوعين بمداومة زيارة هذا السوق بالشكل غير المنتظم، والذي أعتبره بامتياز سوق شعبي مفتوح على الطبقات الاجتماعية بلا تمييز ولا تفاضل.
مدينة خنيفرة الجبل الشامخ الأبية، بقيت حاضرة في مخيلتي بعد أن اشتغلت بترابها لما يربو عن عشر سنين. المدينة الطيعة والعالية بأخبار تاريخها البطولي ورجالاتها، والفقهاء الفضلاء. مدينة تئن تحت وطأة غياب التنمية والتمكين، ولما لا حتى التمييز الإيجابي للجبل والساكنة، والرقي بهم ضمن مصاف المغرب النافع. مدينة لم تُغير من شكلها الكمي، فقد بقيت ترمم ذاتها، وتكتفي بملينات الصباغة، ونوعية من العكار اللوني.
سوق المدينة بالمحاذاة منه استوقف سير سيارتي رجل أمن شاب أنيق الملبس، وبأدب طلب مني أوراق سيارتي، حين رأى وأنا أعلم مدى تمعنه في قن سيارتي (أ-20). لم أعر الأمر بدا، بل ناولته كل ما يثبت هويتي وسيارتي، مفضلا (دير خدمتك). ابتسم، وناولني أوراقي تامة، وسألني عن عودة الكوديم، وموسم الشيخ الكامل، وجفاف صهريج سواني، وإغلاق باب منصور… حين ذاك أدركت أنه من مدينة مكناس، ويعمل بمدينة خنيفرة الشامخة… طال حديثنا بامتياز عن مدينة موحا أوحمو الزياني (رحمه الله) المقاوم الأمازيغي للاستعمار الفرنسي في التاريخ المغربي الحديث.
في السوق المدينة، كنت أشم رائحة وادي أم الربيع القريب، كانت رائحة الشواء والشاي (الأمازيغي) يؤثث جلسات الخيام المترامية الأطراف. في السوق أناس بالتنوع الاجتماعي واللباس الأصيل وملينات العطر البدوي، يمثلون قيمة المواطن الراضي (بالقسمة)، والعامل على إرضاء حاجياته الأسرية (قدَّ الحال).
كانت مكبرات الصوت تتوافد عليَّ مُعلنة عن بائع الأدوية، ودواء (الشقيقة)… في السوق وجدت نفسي أقتني من بساطة الناس قيمة اجتماعية تتمثل في الاحترام والسعادة العفوية …وجدت أن مدينة خنيفرة أصيلة بامتياز الجبل الشامخ والأمازيغ من جغرافية أجدير/ أسول/ ايت نوح/ أكلمام/ تيغسالين/ كهف النسور/ البرج/ عيون أم الربيع…