حسن المولوع
الخميس 02 يناير 2025 – 20:44
كل إنسان يمتلك ذرة إنسانية لا بد وأن يشعر، وهو ينام في بيته وسط دفء عائلته، بمن هم قابعون في السجون.
علينا أن نتذكر النقيب الأستاذ محمد زيان، الذي بلغ من الكبر عتيا ويعاني من أمراض مزمنة، وهو اليوم قابع في زنزانة باردة. حتى لو توفرت فيها كل شروط الإنسانية، تبقى الزنزانة بردًا على جسد وروح إنسان يحتاج إلى دفء أسرته، إلى الرعاية التي لا يمكن للرعاية الطبية وحدها أن تعوضها.
لا نملك في هذا المقام إلا كلمات صادقة، علّها تجد طريقها إلى قلوب حكماء هذا الوطن، من أجل حلحلة هذا الملف، ليحظى النقيب زيان بعفو ملكي سام يعيده إلى حضن أسرته. كلمات نرجو أن تُقرأ بعقل وقلب واعٍ، وتجد من يصغي لها بإحساس المسؤولية.
لعل الكثيرين يجهلون تاريخ هذا الرجل، ولم يسألوا أنفسهم سؤالاً بديهيًا ..لماذا اختاره جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله وزيرًا لحقوق الإنسان دون غيره؟
ما لا يعلمه البعض أن زيان لم يكن مجرد محامٍ، بل كان من أبرز رجال القانون في المغرب. اختاره الملك ليكون واجهة حقوقية للبلد، لتحسين صورته دوليًا في تلك المرحلة الحرجة. فزيان، إلى جانب مهنيته وكفاءته، كان ليبراليًا، ووالدته أوروبية، وانتقل من المسيحية إلى الإسلام، مما جعل منه رمزًا يعكس تنوعًا ثقافيًا ودينيًا يعزز مكانة إمارة المؤمنين.
اختيار زيان لم يكن صدفة. كان صهرًا لرضا اكديرة، صديق الملك ومستشاره، لكن قبل كل شيء، كان رجلاً مؤهلاً وقادرًا على أداء مهمته في فترة صعبة من تاريخ المغرب.
سواء ختلفنا مع زيان أو أتفقنا معه، لا نستطيع إنكار وطنيته. فالرجل قدم الكثير لهذا الوطن، وكل إنسان عرضة للخطأ، سواء في تقديراته السياسية أو تصريحاته. ولكل شخص ماضٍ، أبيضا كان أم أسودا، ينعكس على حاضره ومستقبله.
حان الوقت ليعانق زيان حريته. فالعمر كضوء ينفلت دون سابق إنذار، والأعمار بيد الله…
أدعو الله أن يحفظه ويطيل عمره، وأن تجد هذه الكلمات آذانًا صاغية تترك هذا الرجل يعيش ما تبقى له من عمره في كنف عائلته، بكرامة وهدوء.