سامي دقاقي – القنيطرة
الاثنين 16 يونيو 2025 -22:55
نظم ماستر سيكولوجيا الإعاقة والتربية الدامجة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، بشراكة مع جمعية الحمامة البيضاء لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، يوما دراسيا وتواصليا حول “النفاذية الرقمية للأشخاص في وضعية إعاقة، وذلك يوم الجمعة 13 يونيو 2025 على الساعة العاشرة صباحا برحاب كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة.
اللقاء أدار أشغاله وأطره كلّ من الأستاذة الدكتورة عتيقة بونو(منسقة ماستر سيكولوجيا الإعاقة والتربية الدامجة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة)، والدكتور عبد المالك أصريح (دكتور في القانون العام وخبير دولي في مجال الإعاقة)، كما عرف مساهمة منير خير الله (باحث في علم الاجتماع بسلك الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء).
جاء تنظيم فعاليات هذا اللقاء كما ورد في ورقته التأطيرية “في سياق وطني يتميز بإطلاق أوراش كبرى، تهمّ مجالات استراتيجية متعدّدة والإعلان عن النموذج التنموي الجديد 2022/2030، والمضيّ في تنفيذ سياسات عمومية متعلقة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وتشجيع الرقمنة والتحوّل الرقمي من خلال إطلاق المشروع الهيكلي “المغرب الرقمي 2030″، واستثمار ذلك لتطوير الخدمات العمومية وتعزيز المشاركة المواطنة والوصول للمعلومات المتعلقة بالشأن العام.
كما أعلنت وكالة التنمية الرقمية الشروع في إعداد الخطّة الوطنية للنفاذية الرقمية للأشخاص في وضعية إعاقة بدعم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، فضلا عن انخراط المغرب في مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والوفاء بالتزاماته الدولية في إطار منظومة الأمم المتحدة، ولاسيما ما يرتبط أحكام ومقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتوصيات الصادرة عن مختلفة الآليات التعاهدية، وخاصة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة”.
تأطر سياق هذا اليوم الدراسي تزامنا أيضا مع إطلاق جمعية الحمامة البيضاء لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب في إطلاق مبادرتها الجديدة المتعلقة بإرساء وتفعيل منصّة رقمية “من أجل مستقبل أفضل للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب” التي تهدف إلى تعزيز استقلالية الأشخاص في وضعية إعاقة من خلال إتاحة المعلومات ودعم وصولهم لمختلف الخدمات، والتقليل من الفجوة الرقمية التي يعانون منها، وذلك بشراكة مع مؤسسة Enable Me السويسريّة ومنظمة Drosos.
الجلسة العلمية الأولى في هذا اللقاء الدراسي جاءت بعنوان “الولوج والنفاذية الرقمية للأشخاص ذوي الإعاقة” كانت من تسيير الأستاذة الدكتورة كوثر بكار، بينما مقررتها نسرين بيلوط، طالبة باحثة بماستر سيكولوجيا الاعاقة والتربية الدامجة.
وقد ألقى خلالها السيد الدكتور محمد العربي كركب، رئيس جامعة ابن طفيل، كلمته معبّرا عن أهمية ماستر سيكولوجيا الإعاقة، بوصفه يجسد استجابة حقيقية لرهانات المستقبل في مجال الإدماج والتربية الدامجة.
كما أشار إلى توقيع الجامعة اتفاقية شراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي، تخص ماستر سيكولوجيا الإعاقة والتربية الدامجة، مما يعكس انخراط المؤسسة الجامعية في دعم السياسات العمومية ذات الصلة.
كما نوّه في سياق حديثه بعلاقته المتميزة بجمعية الحمامة البيضاء بمدينة تطوان، معبرا عن تقديره لأدوارها في مجال الإعاقة والدعم الاجتماعي.
ثم ختم كلمته مفصحا عن بالغ امتنانه للمجهودات المبذولة في إطار هذا الماستر، موجها شكره الخاص إلى منسقة الماستر، الدكتورة عتيقة بونو، وكافة المنظمين والمساهمين في إنجاح هذه الندوة العلمية.
كما شهدت الجلسة تقديم كلمة كل من عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية السيد جمال الكركوري، والسيد نائب العميد في البحث العلمي الدكتور أحمد فرحان، ونائب العميد في الشؤون البيداغوجية السيد الدكتور محسن بطشي.
افتتحت أشغال الجلسة العلمية الأولى بكلمة ألقتها الدكتورة عتيقة بونو، أستاذة علم النفس المعرفي ومنسقة ماستر سيكولوجيا الإعاقة والتربية الدامجة، حيث سلطت الضوء على أهمية النفاذية الرقمية لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، معتبرة أن هذا الجانب يعدّ من الركائز الأساسية لضمان العدالة الرقمية والإنصاف في الوصول إلى المعلومات والخدمات.
كما شددت الدكتورة بونو على ضرورة دمقرطة استخدام الوسائط الرقمية ذات الجودة العالية، مع الحرص على أن تكون ولوجة ومتكيفة واحتياجات جميع فئات المجتمع، خاصة الأشخاص في وضعية إعاقة، وذلك في إطار تعزيز الحق في الولوج إلى المعرفة والتكنولوجيا.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن الولوج الرقمي لم يعد ترفا، بل أصبح ضرورة ملحة تفرضها التحولات الرقمية المتسارعة، وركيزة أساسية لتحقيق الإدماج الشامل والمستدام.
في كلمته، أبرز الدكتور عبد المالك أصريح، (أستاذ القانون العام وخبير في مجال الإعاقة، ومستشار بجمعية الحمامة البيضاء بتطوان)، أهمية استعادة الجامعة المغربية لمكانتها التنافسية، عبر دعم الطلبة الباحثين والانفتاح على القضايا الراهنة.
وأكد أن الجامعة، بتكوينها الأكاديمي الجيد، قادرة على رفع رهانات المشروع الحقوقي، خاصة في ما يتعلق بتطوير منصات رقمية دامجة ومتاحة للجميع. وفي سياق حديثه عن جمعية الحمامة البيضاء، أوضح المتحدّث أنها تشتغل وفق مقاربة حقوقية شاملة، بعيدا عن المنطق الإحساني.
مشيرا إلى أن الجمعيات مدعوة لتجديد أدوارها على أسس علمية وحقوقية. كما شدد على ضرورة تكامل المقاربات القانونية والسيكولوجية والسوسيولوجية والتربوية لإغناء النقاش حول قضايا الإعاقة، مؤكدا أن الطلبة الباحثين لهم دور محوري في هذا التحول، خاصة من خلال البحث في مجالات كالرقمنة والأمن السيبراني. ثم اختتم بالتنصيص على أن الاشتغال في مجال الإعاقة يتطلب مقاربة شمولية، مبنية على تقاطع المعارف والتخصصات.
المداخلة الأولى التي ألقاها السيد نورالدين لصفر، رئيس قسم التحول الرقمي بوكالة التنمية الرقمية ADD (وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة) تحت عنوان: “النفاذية الرقمية للأشخاص في وضعية إعاقة بين الإطار المفاهيمي والمجهودات الوطنية”، قدّم من خلالها نظرة عامة حول الاستراتيجية الوطنية للرقمنة، مع الوقوف على الجهود التي تبذلها وكالة التنمية الرقمية (ADD) لتيسير الولوج الرقمي، والتحديات التي تواجه التنزيل الميداني لهذه الجهود.
كما تطرق إلى مهام وكالة التنمية الرقمية التي تنبني على محاور رئيسة تشمل الحكومة الرقمية، والنظام البيئي الرقمي، والابتكار، والشمول الرقمي، والتنمية البشرية. وأشار المتحدّث إلى الركائز الأساسية التي تشتمل على البيئة والثقافة الرقمية، والإطار القانوني، والجيل الرقمي، والبنية التحتية الرقمية، وأيضا إلى استراتيجية المغرب الرقمي 2030 التي صودق عليها في عام 2024، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي جزء لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية، بالإضافة إلى تعزيز رقمنة شاملة.
من جهة أخرى عرّج المتدخّل على مبادرات وإنجازات الوكالة في مجال الشمول والنفاذية الرقمية، مقدّما فيها مجموعة من الإنجازات الرئيسية، كما شدد على تسريع تطوير الاقتصاد الرقمي بالمغرب وتعزيز مكانته كمركز رقمي وتكنولوجي ومرجع مهم في إفريقيا.
لاسيما وأن الدولة اليوم بصدد تقليص الفجوة الرقمية وتحسين جودة حياة المواطنين من خلال استعمال التكنولوجيا الرقمية، وبالخصوص للفئات الهشة، ومنهم الأشخاص في وضعية إعاقة.
المداخلة الثانية، كانت من منظور سوسيولوجي مع الباحث في علم الاجتماع بسلك الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني السيد منير خير الله تحت عنوان”الولوج الرقمي، من تأهيل الفرد الى إزاحة الحواجز” عمد فيها الباحث إلى رصد الإشكالات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية في الوصول إلى المعلومة الرقمية، وخاصة ما يتعلق بندرة التطبيقات والمحتويات الملائمة.
مشيرًا إلى بعض التحديات التطبيقية المتعلقة بالولوجيات الرقمية، خصوصا للأشخاص المكفوفين مستعملي تطبيقات الشاشة الذكية. وطالب بوسائل رقمية شاملة تضمن للجميع حق المساواة في الولوج الرقمي.
أما المداخلة الثالثة فكانت من تقديم د. عتيقة بونو، أستاذة علم النفس المعرفي ومنسقة ماستر سيكولوجيا الإعاقة والتربية الدامجة تحت عنوان: “التربية الرقمية وقضايا الإعاقة: رهانات سيكولوجية” قدمتها من منظور سيكولوجي، حيث تحدثت عن الولوجية الرقمية والسلامة النفسية، وكيفية استثمار هذه الوسائل الرقمية في تعزيز التعلم خاصة فيما يخص الاضطرابات النمائية العصبية كالتوحد واضطرابات التعلم.
كما أكدت كذلك على دور التربية الرقمية في التمكين النفسي والمعرفي للأشخاص في وضعية إعاقة، وإبراز الحاجة إلى مراعاة الفروق الفردية والتنوع داخل المحتوى الرقمي التربوي، وضرورة حماية الأشخاص في وضعية إعاقة من التنمر والاستغلال الالكتروني.
وأشارت المتحدثة في ذات الورقة إلى أن التحول الرقمي في التعليم لا يقتصر على الجانب التقني، بل يمتد ليشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية للفرد، مؤكدة على ضرورة تعزيز الصحة النفسية وتنمية القدرات الذاتية من خلاله، مع إبراز دور الأخصائي النفسي في توجيه هذا التحول ودعم الأفراد.
من جهة أخرى تناولت الدكتورة عتيقة بونو الدور المحوري للتكنولوجيا الرقمية في توفير وسائل الوقاية والعلاج، وكيف يمكن لها أن تساهم في تنمية القدرات المعرفية والأكاديمية، خاصة في مواجهة التحديات النمائية والاضطرابات، مشددة على أهمية التعاون بين الأخصائيين النفسيين والمطورين التقنيين.
كما شددت على أهمية تطوير برامج متخصصة واستراتيجيات فعالة لتجاوز الفجوة الرقمية، ودعم التعلم الشامل بهدف تحقيق الاستقلال الشخصي وبناء المناعة النفسية في البيئة الرقمية المتطورة، وأكدت على ضرورة دمج الخبرة النفسية في تصميم هذه البرامج، وعبّرت في ذات السياق عمّا يمثله التعليم الرقمي من تحوّل ثقافيّ يستدعي تنظيم التفاعل مع البيئة الرقمية بمسؤولية، لضمان رفاهية الفرد والمجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، مع التأكيد على الدور الحيوي للأخصائيين النفسيين في فهم وتوجيه السلوكيات الرقمية.
الجلسة الثانية التي سيّرتها لبنى بقل، طالبة باحثة بماستر سيكولوجيا الاعاقة والتربية الدامجة، وأنجزت تقريرها الطالبة نسرين بيلوط طالبة باحثة بماستر سيكولوجيا الاعاقة والتربية الدامجة، شهدت تقديم المنصة الرقمية EnableMe “من أجل مستقبل أفضل للأشخاص في وضعي في علاقة بالمغرب”من طرف السيد ياسين بن سليمان، منسق مشروع المنصة الرقمي، حيث عرّف الجميع على المنصة وقدمها كأداة مواطنة تتيح المعرفة والدعم الذاتي، وترتكز على تصميم يراعي التنوع والوضوح، من خلال عرض للمسار الكرونولوجي للرقمنة من 2022 إلى 2025، متضمنة مبادرات الرقمنة.
كما تحدث عن اتفاقية الشراكة مع “ACB Enableme” التي تضم جهات حكومية ودولية بهدف تثمين المعرفة والوصول الرقمي، مشيرا إلى أن الدراسة تهدف إلى تحديد احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وتقييم استدامة المبادرات، مع إبراز النتائج المهمة في تقليص الفجوة الرقمية.
وأكد أيضا على أن منصة “ACB Enableme” شاملة ومناسبة لجميع الإعاقات، وتحترم المعايير الدولية، وتوفر محتوى سهل الفهم والنفاذ، وتستخدم لغة الإشارة والألوان.
في نفس السياق، تحدث المتدخّل عن شبكة ممر التي تهدف إلى المشاركة وتوفير المعلومة والرقمنة. كما تطرق للّقاءات التشاورية التي هدفت للإعداد المشترك للمنصة الذي ضم مجموعة من القطاعات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، ومنظمات التعاون الدولي، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث تمّ إطلاق النسخة التجريبية للمنصة “www.enableme.ma” في 20 مارس 2024 كمنصة تشاركية، تشارك الجميع معلوماتها وتستقبل الاقتراحات، في حين أطلِقت النسخة الرسمية في 30 شتنبر 2024.
وهذه المنصة هي دولية تقدم بلغات مختلفة إحصائيات مهمة للزوار، وبمحتوى دامج قابل للفهم والنفاذية، تستعمل فيها لغة الإشارة، وتسعى للتمكين وضمان الحق في المساواة في إطار يحترم القوانين والمعايير الدولية.
كما تمّ من جهة أخرى، تقديم المحتوى Enableme-Maroc من طرف السيد صفوان حيون، منسق مشروع المنصة الرقمية، والسيد منير أدهار، المكلف بالمنتدى بالمنصة الرقمية، حيث تمّ عرض كيفية بلورة فكرة منصة “Enableme”، وكيف ساهم الدكتور عبد المالك أصريح في قيادة وتفعيل هذه المنصة، مشيرا إلى أن المنصة تضم مجموعة من المقالات العلمية.
كما أوضح المتحدّث أن المنصة توفر مجموعة واسعة من المعلومات التعليمية الهادفة، وتشمل كل ما يحتاج إليه الطالب، مبينا كيفية الولوج للمنصة والمعايير والمواصفات المعتمدة لضمان الولوج الشامل.
وفي تقديمه للمحتوى Enableme-Maroc أكد المتحدّث على كيفية جمع المعلومات على المستوى الوطني، مع إبراز مساهمة المواطن في ذلك، مشيرا إلى توفير المنصة كأرضية للتفاعل، وتنمية مهارات القراءة الذاتية والارتقاء بالمهارات بشكل عام.
كما تطرق لبوابة الملف الطبي، وإتاحة النقاش حول مجموعة من المواضيع الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، والاجابة عليها من طرف مختصين في مجال الإعاقة.
جدير بالذكر أنّ هذا اليوم الدراسي العلمي المتميّز قد خرج بمجموعة من التوصيات نجملها في ما يلي:
– تعميم اعتماد التصميم الشامل في المنصات العمومية والخاصة.
– إحداث آلية لتقييم النفاذية الرقمية بشكل دوري على الصعيد الوطني.
– تضمين وحدات دراسية حول الولوج الرقمي في تكوينات التربويين والإداريين.
– تمكين الفاعلين الجمعويين من أدوات رقمية دامجة وسهلة الاستخدام.
– دعم المنصات الرقمية المواطِنة التي تنطلق من داخل المجتمع، وعلى رأسها تجربة EnableMe.
-إشراك الأشخاص في وضعية إعاقة في صياغة وتنفيذ السياسات الرقمية.
– تعزيز الشراكة بين القطاع العام والمجتمع المدني لبناء بيئة رقمية دامجة.
– التأكيد على أن النفاذية الرقمية ليست امتيازاً، بل حق إنساني أساسي.