صدى المغرب-سعاد ياي شين هوا
الخميس19يونيو2025-09:55
تقع مدينة تيانجين شرق العاصمة الصينية بكين وتطل على بحر بوهاي، وتُعدّ مركزًا رئيسيًا لمنطقة بوهاي الاقتصادية، بالإضافة إلى كونها أحد أهم موانئ الشحن الدولية في شمالي الصين.
يُعتبر ميناء تيانجين من الموانئ الحديثة والشاملة في البلاد، وقد حافظ لسنوات عدة على مكانته بين أفضل عشرة موانئ في العالم. ومنذ عام 2019، بدأ الميناء في اعتماد تقنيات متطورة مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي، لبناء قوة إنتاجية جديدة. وبهذه الجهود، تم إنشاء أول محطة حاويات ذكية خالية تمامًا من الكربون على مستوى العالم.
تبلغ سعة محطة الحاويات الذكية في الميناء نحو 200 ألف طن، وهي قادرة على استقبال أكبر سفن الحاويات في العالم، بطاقة استيعابية تصل إلى 2.5 مليون حاوية مكافئة سنويًا. وتضم المحطة ما يُعرف بـ”العقل الذكي”، حيث تم تطوير أول “نظام نقل أفقي ذكي” يقوم بربط جميع المعدات الأساسية — من جسور المحطة إلى جسور الرصيف — ضمن منظومة رقمية موحدة. ويعتمد هذا النظام على الذكاء الاصطناعي لتوليد خطة التحميل والتفريغ المثلى بشكل آلي، وتوجيه كل جهاز بشكل منفصل، بينما تقوم العربات ذاتية القيادة بنقل الحاويات على مدار الساعة بكفاءة تتفوق بشكل كبير على المحطات التقليدية.
وفي مركز التحكم بالميناء، أوضح السيد هو يانغ، مدير قسم المعلومات، أن المحطة مزودة بكافة تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح الجيل الجديد من روبوتات النقل الذكية قادراً على أداء مهام دقيقة بفضل مجموعة من الحساسات المتقدمة، كما يمكن تنسيق العمل بين الروبوتات رقميًا عند وجود مهام عاجلة.
بفضل هذه التقنيات، بات بالإمكان التحكم عن بُعد في رافعات الرصيف، حيث لم تعد الحاجة لوجود سائق على متن الرافعة، إذ تُدار حركات الرافعات من داخل مركز التحكم. هذا الابتكار ساهم في تعزيز السلامة المهنية للعمال، وتجنب المخاطر المرتبطة بالعمل على ارتفاعات، مع رفع كفاءة الأداء بشكل ملحوظ.
كما تم تهيئة “بيئة ذكية” لعمل المعدات، من خلال إنشاء محطات قاعدة مزودة بنظام “بيدو” للملاحة بالأقمار الصناعية على طول الرصيف البحري، الذي يمتد لمسافة 1100 متر، ما يتيح تحديد المواقع بدقة تصل إلى مستوى السنتيمتر، بفضل دعم تقنية الجيل الخامس.
وعلى عكس المحطات التقليدية، لا تعتمد هذه المحطة الذكية على أي مصدر للطاقة الأحفورية، بل تستخدم الكهرباء المتولدة بالكامل من مصادر متجددة، كطاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية. ما يجعلها أول محطة تحقق صفر كربون في كل من استهلاك الطاقة وإنتاجها.
يُعد ميناء تيانجين مثالاً حيًّا على التحول الذكي الأخضر في الصين، حيث تندمج الابتكارات التكنولوجية مع مفاهيم الاستدامة البيئية في نموذج عالمي فريد. وفي ظل سعي الصين نحو التنمية الخضراء والحياد الكربوني، يمثل هذا الإنجاز خطوة استراتيجية تُلهم الموانئ الأخرى بأرجاء البلاد لتحقيق توازن حقيقي بين الكفاءة والبيئة.
