صدى المغرب-سعاد ياي شين هوا صحفية صينية
الخميس 25 شتنبر 2025-23:17
تقع منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الويغور في شمال غربي الصين، وتتميز بمساحتها الشاسعة ومواردها الغنية، وهي منذ القدم موطن تعايش وتبادل بين مختلف القوميات الصينية. في 25 سبتمبر 2025، أقيم احتفال كبير في قاعة الشعب بمدينة أورومتشي، حاضرة منطقة شينجيانغ، بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس المنطقة. وللمرة الأولى في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني وجمهورية الصين الشعبية، قاد الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ورئيس الدولة، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، شي جين بينغ، وفدًا مركزيًا لحضور هذه الاحتفالات ذات الأهمية التاريخية.
وفي 24 سبتمبر، استمع شي جين بينغ في أورومتشي إلى تقرير عمل قدمته لجنة الحزب وحكومة المنطقة، وألقى كلمة مهمة نقل فيها تهانيه الحارة وتحياته الصادقة إلى جميع الكوادر وأبناء مختلف القوميات في شينجيانغ. وأكد أن المنطقة، خلال السبعين عامًا الماضية، وبفضل القيادة القوية للجنة المركزية للحزب والدعم الكبير من الشعب في مختلف أنحاء البلاد، تمكنت من توحيد صفوف القوميات المختلفة، والحفاظ بثبات على وحدة الوطن والتضامن القومي والاستقرار الاجتماعي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما أحدث تغييرات تاريخية في وجه شينجيانغ، وأسهم مع بقية مناطق البلاد في تحقيق بناء مجتمع رغيد الحياة في الموعد المحدد، وبدأت مسيرتها نحو بناء دولة اشتراكية حديثة بشكل كامل.
شينجيانغ، هذه الأرض الواسعة، كانت منذ العصور القديمة مركزًا مهمًا لطريق الحرير القديم، وجسرًا يربط بين الحضارات الشرقية والغربية. قبل سبعين عامًا، وبسبب الظروف الطبيعية القاسية والموقع الجغرافي النائي، كانت شينجيانغ متخلفة اقتصاديًا، ضعيفة البنية التحتية، وصعبة المعيشة بالنسبة للسكان. أما اليوم، وبعد سبعين عامًا من التنمية المتواصلة، فقد أصبحت شينجيانغ جبهة متقدمة لانفتاح الصين على العالم ونقطة محورية في مبادرة “الحزام والطريق”. ويُعد هذا التحول التاريخي ليس فقط صورة مصغرة لمسيرة التحديث الصينية، بل أيضًا برهانًا حيًا على نجاح سياسات القوميات في الصين.
بالنظر إلى مسار التنمية خلال السبعين عامًا الماضية، حققت شينجيانغ نقلة نوعية من الانغلاق والتخلف إلى الانفتاح والازدهار. وفي عام 1955، عند تأسيس المنطقة ذاتية الحكم، بلغ إجمالي الناتج المحلي 1.231 مليار يوان فقط، وكان الاقتصاد ضعيفًا والبنية التحتية متواضعة. أما اليوم فقد تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 2 تريليون يوان، وظهرت تجمعات حضرية حديثة، وتقاطعت شبكات الطرق السريعة والسكك الحديدية والمطارات، كما غطت شبكات الطرق الريفية ومياه الشرب والكهرباء والإنترنت جميع المناطق. وأصبحت مدن مثل أورومتشي وكاشغر وكلارماي لآلئ متلألئة على حزام طريق الحرير الاقتصادي.
كما أصبحت شينجيانغ أكبر قاعدة لإنتاج القطن في الصين، ومصدرًا مهمًا للطاقة، حيث تشكلت سلاسل صناعية متكاملة للنفط والغاز الطبيعي والفحم. ونمت صناعات الطاقة الجديدة بسرعة، حيث تحتل طاقة الرياح والطاقة الشمسية مراتب متقدمة على مستوى البلاد. وتُصدر القطن والمنسوجات ومعجون الطماطم والزبيب والمنتجات الزراعية المميزة الأخرى إلى أسواق آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا، مما يضخ طاقة مستمرة في بناء مبادرة “الحزام والطريق” والتعاون الدولي.
يرجع ازدهار شينجيانغ إلى السياسات القومية الحكيمة التي انتهجتها الصين. فعلى مدار سبعين عامًا، التزمت البلاد بنظام الحكم الذاتي القومي الإقليمي، الذي يضمن المساواة في الحقوق السياسية والثقافية وحرية المعتقد الديني لجميع القوميات. واليوم، يوجد في شينجيانغ أكثر من 24 ألف مسجد، ما يجعلها واحدة من أكثر المناطق كثافة بالمساجد في العالم. كما أُدرج فن “المقام” الويغوري وملحمة “ماناس” لقبيلة القيرغيز ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، ما سمح بحماية هذه الثقافات وإحيائها. وهناك قول منتشر في الصين إن أبناء القوميات المختلفة في شينجيانغ متماسكون مثل بذور الرمان، يعملون معًا لبناء وطن جميل، مما شكل أساسًا متينًا للاستقرار والازدهار في المنطقة.
الاستقرار الاجتماعي هو الأساس الذي يقوم عليه تطور شينجيانغ. ففي السنوات الأخيرة، ظلت الأوضاع في المنطقة مستقرة، وعاش السكان في أمن وطمأنينة، وأصبحت المدن والقرى أكثر انسجامًا وجمالًا. سواء في المناطق الحدودية النائية أو في المدن المزدهرة، شهدت حياة الناس تغيرات هائلة، وأصبح الاستقرار السمة الأبرز لتطور شينجيانغ.
شينجيانغ اليوم ليست فقط بوابة مهمة لانفتاح الصين نحو العالم، بل أيضًا حلقة وصل رئيسية للتعاون بين الصين والعالم العربي. فخطوط أنابيب الغاز الطبيعي القادمة من آسيا الوسطى وأنابيب النفط القادمة من كازاخستان تمر عبر شينجيانغ، ما يجعلها رابطًا حيويًا للتعاون في مجال الطاقة بين الصين والشرق الأوسط. كما تحظى منتجات شينجيانغ من القطن والمنسوجات والمنتجات الزراعية بشعبية واسعة في الدول العربية، ويستمر حجم التجارة الثنائية في النمو. وقد أقامت مدن مثل أورومتشي وكاشغر علاقات صداقة وتعاون مع العديد من المدن بالدول العربية، ما عزز التبادل الثقافي ودفع الحوار بين الحضارات الصينية والعربية.
على مدار 70 عامًا، تحولت شينجيانغ من محطة على طريق الحرير القديم إلى محور أساسي في مبادرة “الحزام والطريق”، ومن منطقة نائية متخلفة إلى منطقة مزدهرة ومنفتحة.
إن تجربة شينجيانغ في التنمية لا تمثل فقط ممارسة حية لوحدة القوميات وازدهارها في الصين، بل تقدم أيضًا نموذجًا قيّمًا لإدارة الدول متعددة القوميات في العالم. وقد أثبتت الحقائق أن المساواة القومية والتنمية الاقتصادية هما الطريق لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة. وفي مواجهة الانحياز والتدخل الخارجي، تثبت شينجيانغ للعالم من خلال ممارساتها أن الوحدة والتعاون هما السبيل الحقيقي لتحقيق السلام والتقدم.
واليوم، تقف شينجيانغ بثقة وانفتاح أكبر، وهي تكتب فصلًا جديدًا من طريق الحرير في العصر الحديث، وتسهم في تحقيق الازدهار والتعاون بين الصين والعالم العربي، بل والعالم أجمع. إن مسيرة السبعين عامًا المشرقة تثبت حقيقة ثابتة: الوحدة هي أساس تطور شينجيانغ، والتعاون هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام والتقدم في العالم.