عاجل
كتاب وآراء

نِبَالُ الوهم والحقيقة عند رجل سفح الجبل…

محسن الأكرمين

السبت 10 فبراير 2024 – 14:06

مرات عديدة أكتب خارج سرب الفهم والدلالة اللغوية… مرات، أستحضر مخزون قديم من الكلمات ذات الدلالة الفلسفية والمعرفية، فتصبح مثل التناص في النص الجديد… آمل أن ترقى خربشاتي لنيل قسط من اهتمامكم…مودتي

من له جذور لا أحد يستطيع قلعه بسهولة، لكنه اليوم بأعلى الصوت يصيح: أبعدوا أياديكم عني !! كان الخوف يمتلكه حد الرجفة، وأحس أن حياته البئيسة في تلاطم مُوجِع مع موج البحر وزبده. فرغم أن حُرقة ذاكرته تُلاحقه بالاستئناس، إلا أنه كان يحمل رسالة من ملك سفح الجبل، ويُعلن عري الفكر الأسطوري في ذاكرته البرانية، وهذا التمثل السمج يبدو في الظاهر استحضارا بصريا للتمويه، لا سلوكيا من المعرفة الجديدة.
في ذاك اليوم، كان بلا صوت يبكي منتحبا، وبلا أجنحة كان يرفرف فوق قمة الجبل من السفح، وبلا صوت كان يحدث صوتا مفزعا يماثل البرق المدوي في عز اهتزاز السماء مع الرعد.، هذا ما تعلمه من الأساطير والمحكيات القديمة، والتي لا حل منطقي لأحاجيها. فهو يعلم أن طبائع الناس باتت لا تستكين دون العيش بقسط من الخيال، ولما لا الهروب من الواقع.
اليوم في سفح الجبل أحس أنه عالق في شبكة انتهاء العد الزمني بالمنع من استحضار قدر الوجود. و بات يعيش من القلق قسطا وفيرا من مُحفزات تنامي فواجع السلبيات. كان يحس أن مصيره حتمي بنهاية الموت (من له بداية له نهاية). كانت ذاكرته تعيش بقع الفزع، ومن كُحْلة الظلام، ومن ضيق القبر، وموت نهاية الألم .
ملك سفح الجبل ظل في أيامه اليافعة، يعتبر أن الموت عدوة قديمة، فالموت ظل يحارب الوجود بلا هوادة، ويمارس التأسيس للعدم والنهايات. كان يرى في الولادة بعث جديد من الحقيقة التي لا قسمة فيها، ومهربا من نهاية الخوف، إلى متسع اللانهايات.
قناعة تفكير رجل سفح الجبل، تنزاح بُعدا عن كلمات تخييلية من الذاكرة المنسية عنده، حتى أننا نعتقد بأنه من فلسفة التدليس والتمويه. فرغم النفخ في استعادة الزمن النظيف، فالقلق والموت، وعيش الاغتراب يشعرنا جميعا بمصير مشترك لان البداية والنهاية الحتمية لا تخرج إلا بثنائية الموت والحياة، والشر والخير.
اليوم كان خائفا في كسب استمرارية الحياة المثلى، فقد بات القلق الوجودي عنده يتزايد عدا وحجما، ويساوي معنى العدم في الفراغ الفكري. فرغ، أنه كان يمسك عصا سيدنا موسى من الوسط حتى لا تصير حية تُنهي حياته بإعدام العدم، فإنه كان يبحث عن إزالة قناع الخوف عن الإنسان، وتعرية مخاوفه المتعددة، وربح رهان تسفيه سحرة فرعون.
في سفح الجبل كان وحيدا، وأحس أن الحياة لا معنى لها من غير تواجد الموت. فالإنسان لا يصنع نفسه (ممكن الوجود)، بل يصنع عالم بالمتخيلات و الوهميات، ولما لا الاغتراب كنوع من التخيل والتمثل. إنه بحق نوع من الهروب من مسؤولية القلق العالمية، والتي قد توازي نهاية الإنسان في صناعة المتناقضات المدمرة.
في سفح الجبل تأكد أنه بات يبحث عن الوجود التام بكل مكوناته (القلق –الحياة –الموت). يبحث عن الحقيقة النسبية والتي لا تستقر وراء الأقنعة الغريبة. اليوم باتت قناعاته تبتعد عن المفاهيم الغيبية، وهو يتسلق جدار سفح الجبل نحو القمة الشامخة.

زر الذهاب إلى الأعلى