بقلم محسن الأكرمين.
الجمعة 08 شتنبر 2023 – 14:26
مدينتي مكناس: قد نُفتِّشُ بالشمعة والقنديل عن مستويات التحضر وتنمية التمكين الجديدة واللاحقة، لكنا لن نجد غير الاختلال المدوي في الحاضر، وعلامات استفهام آتية من تخوفات التخطيط للمستقبل. وللحقيقة الموضعية يَبْقى مجد المدينة عُلوا، يأتينا من تاريخها الماضي الريادي، ومن أثر المدينة السلطانية العالمة والقوية.
مدينتي مكناس: غير ما مرة، ولا أخفيكم سرا أُلْزم نفسي الصمت عن الكتابة، ويَحدثُ ذاك (البوليميك) الداخلي والخفي، لما لا نكتب عن منجزات مكناس الكبرى؟ لما لا نفتح قوس التمجيد الأوسع؟ لما لا نتتبع كل كبيرة وصغيرة في المتغيرات الايجابية ولو حتى بالقلة القليلة؟ لكني أجد نفسي أتيه بين الأحياء والدوائر، فلا أجد توليفة جميلة تستحق الكتابة برؤية التفاؤل والتسويق النوعي عن كل المنجزات البنيوية !!
مدينتي مكناس: هي ذي الحقيقة التي لا يجب التغافل عنها، حين تفتقد المدينة الذكر في الحاضر وتتربع في مجد كتب التاريخ اليدوي. تغيب مدينتي العلية حتى ضمن منوعات عواصف الحكامة الوطنية، وحتى في النشرات الإخبارية والجوية. تغيب عنوة ضمن المساءلات البرلمانية والمجالس الحكومية، فقد لا نجد اسم المدينة يتردد بالمطالب والمشاريع الآتية من المركز.
مدينتي مكناس: بحق الله، يستوطن أثرها وأداؤُها النوعي في الماضي السلطاني، وكأن مجد المدينة توقف بلا عودة رِجْعية. مدينة كانت ساحرة في الماضي بمعمارها الفريد، وحدائقها الخلابة، وبيئتها الغناء، فيما اليوم فقد باتت تُماثل أثواب الساحرة (الشمطاء) في ظلام الليل الدامس، ومسخ التهيئة الحضارية، وحفر ومتاهات السياسية البراغماتية التي لا تنتهي.
مدينتي مكناس: في الواقع الحقيقي، يا مدينتي الطيبة، لم أجد من المستجدات المهيكلة الجديدة، إلا ذاك الشارع الذي يتم ترميمه وفق برنامج (كَيفَ كُنْتِي وكَيْفَ وَلِيتِي). إنه شارع فريد الأنصاري والذي نحمد الله عليه بكرة وعشية حين انطلقت فيه الأشغال، وقد لا نُمَنِّي النفس فيه بتغييرات كبرى.
مدينتي مكناس: في الخيال (قلت في نفسي) لما أستجمع كل قواي المعرفية، وأفتش عن الجديد في برنامج عمل جماعة مكناس. لكن، من المستملحات الباكية، حينها صُدِمتُ من خلال محضر توثيق الدورات، أن من صادق عليه (21) وتمت معارضته ب(4) وفي جلسة ثانية للمداولة. كانت حيرتي في تساؤل قوي: ماذا لو أن السلطات الترابية (الرقابية) أرجعته مرة ثالثة لجلسات المجلس، وطالبتهم بالمصادقة والموافقة عليه بالأغلبية !! كما يحدث في الشراكات التي تلتهم المال العام بغير موجب حق المتابعة والافتحاص والأثر الراجع.
مدينتي مكناس: حين عَرَّيْتُ الألوانَ الصفراء (الفاسية) عن صفحات برنامج عمل جماعة مكناس (2022/2027)، (بَانَ وَظَهَرَ) الخلل، وبدا التواكل على الزمن والتقادم في التخطيط والتنميط في الأفعال والأقوال. اتضح أن برنامج عمل جماعة مكناس، الذي أنجزه مكتب الدراسة، لا يُوازي طُموح مدينة كبرى ذكية، بل يبقي شمعة الإنارة ضئيلة، والمتمنيات الرقيقة باهتة وبلا مؤشرات مضبوطة.
مدينتي مكناس: تغيب عندها الجدية في عمل مجلس الجماعة، تغيب الصرامة بالمحاسبة والمساءلة. يغيب التدبير بالنتائج والتوقعات، وبات مجلس المدينة يدبر خلافاته الداخلية في رحلة الشتاء والصيف. أما في الخريف فقد تسقط الميزانية، ويلحق ملفها مرة ثانية لمؤسسة عامل العمالة لأجل التنبيه والضبط.
في مكناس: (حبة الزاوي) تُبخر المدينة بالمكشوف، رغم أن روائح مطرح النفايات (نزالة الرداية) بات يُعطر المدينة مع الرياح الشمالية ليل نهار. في مدينة باتت أبخرتها ليست من طيب الروائح، ولا من زكي الكلام، فهي تنفض غبارها اليومي، وتتعرى بلا محفزات مستقبلية.
مدينتي مكناس: تغيب عنها القوة الناعمة الترافعية، تغيب جودة الحياة، تغيب عنها السعادة، تغيب الأنسنة في نفخ الروح الحياتية، لكن الطبيبة النفسية في المحاضرة أفصحت لنا جهارا أن الساكنة قد تمرض بالأمراض النفسية وبالانفصام. لحظتها وقف جميع الحضور خوفا من المارستان ومن (بويا عمر) !! لكن الدكتورة المحاضرة النفسية أمهلت القول وحددت الضغط النفسي بمكناس في المستوى البرتقالي لا في المؤشر الأحمر.