بقلم – الدكتور محمد بوستة
الأربعاء 12 يونيو 2024 – 14:21
واقعة انتحار التلميذة بعد ضبطها في حالة غش، يجب الوقوف عندها بشكل جدّي سواءاً من جانب الأسرة التي أصبحت تمارس ضغط رهيب على أبنائها ،حيث أصبح التلميذ يخشى من ردة فعل الآباء اكثر منه على مستقبله.
متى سيعرف الآباء أن دورهم يتجلى في المواكبة طيلة سنوات الدراسة، وهو ما أسميه لطلبتي بوقت “الحرث و الزرع”، و ليس أثناء الحصاد، حيث يكون الوقت قد فات على أي تدخل للآباء فقط التشجيع و خفض الضغط على أبنائهم؛
أتذكر في سنوات الدراسة، لم تكن والدتي تعرف حتى في أي سنة جامعية أنا، إثر سؤالها من طرف إحدى صديقاتها، كانت تكتفي بالقول أنه مازال يدرس و تُتبعها بالرضى و الدعاء، الآن أصبح أغلب الآباء يحفظون نقط أبنائهم أكتر منهم أنفسهم، و يرسمون لهم الطريق، ربما كانت إحدى الطرق التي يتحسرون عليها لأنهم لم يسلكوها في شبابهم، متجاهلين تماما رغبات أطفالهم؛
من جهة أخرى، على رجال التعليم ولا سيما عند قرب الامتحانات أن يحكوا للتلاميذ عن تجارب الحياة التي عاشوها أو عايشوها، فكم من واحد حصل على أعلى المعدلات في البكالوريا ولم يسلك المسار الصحيح و هو حاليا لا يعيش الحياة التي تمناها، وكم من تلميذ كان مستواه متوسطا أو حتى ضعيفا هو الآن من أنجح الأفراد في المجتمع؛ هذا لا يعني أن نشجعهم على التواضع، فقط يجب معرفة متى يجب علينا الضغط ومتى يكون قد فات الأوان، كوقت الامتحانات، فأي ضغط أنداك يولد الانفجار؛
من جانب آخر، وجب على الوزارة و المشرفين على الحقل التعليمي، في نظري وبكل صراحة، مراجعة طريقة الاختبار و نماذج الامتحانات بل حتى نظام البكالوريا، الذي اصبح ينتج خريجين مثقلين بالنقط تحادي الكمال، نقط مرتفعة جدا و في جميع الشعب، مكرسة مبدأ الكم و ليس الكيف، حتى اصبح من يحصل على ميزة حسن يعدّ فاشلا في نظر الأباء و المجتمع، في نظام البكالوريا القديم كان المتفوقون بالكاد يحصلون على ميزة مستحسن « mention » يحتفل لأسابيع، و من يحصل على ميزة حسن أو أعلى، مرة في عشر سنوات، يعتبر نابغة.
أغلب هؤلاء و حتى من حصلوا على ميزة “مقبول”هم من يقودون الوطن الآن على جميع الأصعدة و في جميع المهن.
هناك نظرية أخرى، كانت منذ القدم و لزالت تتوارث مع ثبوت عدم صحتها، و هي الخوف من “كابوس “الجامعة و عدم ولوج إحدى المدارس العليا او كليات الطب … رغم أن التجربة اتبتت عكس ذلك، فكل أطر القضاء و كل أستاذة الجامعات، و جل أطر الداخلية والأمن و جل الكتاب و الشعراء و جل العلماء الباحثين و غيرهم، مَرُّوا بالجامعة.
الجامعة كانت ولا زالت عينا تغدق بأطر و مفكرين كبار على الصعيد الوطني و الدُّوَليّ، لذلك وجب على الآباء و الرجال التعليم أن يخفضوا الضغط على أبنائهم فحياتهم و صحتهم النفسية أهم.
يوم الامتحان هو يوم حصاد ما زرعوا، و كيفما كانت غَلتهم، الخير فيما اختاره الله ولتبدأ مرحلة جديدة و موسم آخر للحرث و الزرع عسى أن تكون النتيجة أفظل.
“il n’est jamais trop tard pour bien faire”