سعاد ياي شين هوا _الصين الشعبية
الاربعاء4شتنبر2024_17:13
تعقد قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2024 خلال الفترة ما بين يومي ال4 وال6 من سبتمبر الجاري في العاصمة الصينية بكين، ويعد هذا تجمعا كبيرا آخرا لأسرة الصداقة الصينية الأفريقية بعد قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي عام 2006 وقمة جوهانسبرج عام 2015 وقمة بكين عام 2018، كما أنه أكبر حدث دبلوماسي تستضيفه الصين خلال السنوات الأخيرة وبحضور أكبر عدد من القادة الأجانب.
تحافظ سياسة الصين تجاه أفريقيا على الاستمرارية بدرجة عالية، وهذا ينعكس في التطور المستقر لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي. ومنذ انعقاد أول منتدى للتعاون الصيني الأفريقي في أكتوبر 2000، أكملت العلاقات الصينية الأفريقية ثلاث قفزات، وهي: “الشراكة الجديدة”، “الشراكة الاستراتيجية الجديدة”، و”شراكة التعاون الاستراتيجي الشامل”.
بعد تطوره لمدة 24 سنة، تشكلت آلية كاملة لانعقاد منتدى التعاون الصيني الأفريقي، حيث أصدرت كل دورة من المنتدى “إعلان المنتدى” و”خطة التحركات”، ما يوضح بالأرضية المشتركة الاستراتيجية بين الصين والدول الأفريقية من جديد، كما يساعد المنتدى على تحديد أولويات التعاون الصيني الأفريقي وخطط التعاون بين الجانبين خلال السنوات المقبلة.
وتم إصدار سلسلة من المشاريع التعاونية بين الصين والدول الأفريقية في ثلاث دورات الأخيرة من المنتدى، وبما فيها “خطة التعاون العشر الكبرى” و”الإجراءات الثمانية الهامة” وتسع مشاريع” بين الصين والدول الأفريقية، والتي تتعلق بالتعاون الصيني الأفريقي في مجالات الصناعة والزراعة والبنية التحتية والتجارة وحماية البيئة والتعليم والإعلام والطب والثقافة والأمن وغيرها من المجالات المختلفة، كما أن المنتدى ينظم اجتماعات خاصة بتطبيق الأرضية المشتركة التي تم التوصل إليها في كل قمة صينية أفريقية. وبفضل نجاح انعقاد الدورات السابقة من المنتدى والجهود المشتركة المبذولة من الجانبين الصيني والأفريقي، حقق التعاون بين الصين والدول الأفريقية نتائج مثمرة، حيث كانت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 15 سنة المتتالية.
التعاون منفع المتبادل بين الصين وأفريقيا
ويعد الاحترام المتبادل والمعاملة المتبادلة على قدم المساواة والتشاور المشترك من السمات المهمة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي. وفي الساحة الدولية، يتبادل الجانبان الصيني والأفريقي دعم بعضهما البعض في عدة القضايا الدولية، ما يرجع إلى التقارب العميق بينهما في الشؤون السياسية العديدة، مثل معارضة التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى ومناهضة الهيمنة.
وفي الاقتصاد والتجارة، تتمتع الصين والدول الأفريقية بتكامل كبير. تتميز الصين بقدراتها البارزة في بناء البنية التحتية والتمويل والتكنولوجيا، ما ساعدها على المشاركة الفعالة في بناء القارة الأفريقية. أما أفريقيا، فإنها تتحمل أهمية كبيرة في تنمية الصين. وتعتبر أفريقيا القارة الأكثر شابة في العالم، ويزداد عدد سكانها بشكل سريع، ويتقدم بناء منطقة للتجارة الحرة بالقارة الأفريقية إلى الأمام بشكل مستقر. ومن المتوقع أن توفر القارة الأفريقية سوقا كبيرة للمنتجات والتكنولوجيا الصينية.
على صعيد آخر، رغم أن الدول الأفريقية تواجه الضغوطات من العالم الغربي في تعاونها مع الصين، لكنها لا تزال تسعى إلى تعميق تعاونها مع الصين في تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والطاقات النظيفة وغيرها من المجالات المختلفة، حيث تحتل عدة شركات الاتصال الصينية مكانة مهمة في الأسواق الأفريقية. ومن المتوقع أن يلعب التعاون الصيني الأفريقي دورا أكبر من السابق في التنمية الاقتصادية الصينية في المستقبل القريب.
في الوقت نفسه، تعمل الصين على تنفيذ ما تم التوصل إليه في خطة التعاون الصيني الأفريقي بشأن الحد من الفقر، وتدعم دائما الحكومات المحلية والمؤسسات والمنظمات الصينية الأفريقية لتبادل آراء وخبرات في تقليل عدد الفقراء والتنمية الاقتصادية والبناء الاجتماعي والأعمال التعليمية والثقافية، ما ساهم في تعزيز التفاهم والتعارف بين الشعب الصيني والشعوب الأفريقية.
التعاون الثنائي بين الصين والمغرب
يقع المغرب في أقصى شمال غرب القارة الأفريقية، ويكون فيه ميناء كبير ومنطقة تجارة حرة ونقل البري الممتاز، ما يساهم كثيرا في تسريع نقل البضائع من الصين وعبر المغرب إلى القارة الأفريقية. وبصفته بوابة التجارة العالمية تجاه أفريقيا، يجذب موقعها الجغرافي المتميز عددا كبيرا من المؤسسات الصينية للاستثمار فيه، وخاصة بفضل البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، يشهد التعاون الصيني المغربي في بناء البنية التحتية واستخدام الطاقات المتجددة والاقتصاد الرقمي وغيرها من المجالات التقليدية والحديثة تطورا مستمرا.
كما يتمتع المغرب بالموارد السياحية المتميزة، واتخذ سياسة الإعفاء من التأشيرة للصين منذ عام 2016، ما ساهم في جذب عدد كبير من السياح الصينيين لزيارته. ومع اقتراب تحقيق الطيران المباشر بين البلدين، من المتوقع أن يشهد التعاون السياحي بين الصين والمغرب المزيد من التطورات في المستقبل القريب.
بالإضافة إلى ذلك، تتعزز التبادلات الثقافية والشعبية بين الصين والمغرب باستمرار، ما يساعد على تعزيز التفاهم والتعارف بين شعبيهما. وخلال الفترة الأخيرة، بثت القناة الصينية الوطنية برنامجا خاصا بحكاية قصة الدراج المغربي كريم مسطا بشأن رحلته من المغرب إلى الصين بالدراجة. ولقي التزامه بتحقيق أحلامه إعجابا واسعا لدى المشاهدين الصينيين. كما يشهد التبادل التعليمي بين الصين والمغرب تعززا متواصلا خلال السنوات الأخيرة. وكل ذلك يرمز إلى التقارب المتزايد بين الشعبين الصيني والمغربي، وأرسى أساسا جيدا لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الحديثة. ولا شك أن قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2024 ستوفر فرصة جيدة للجانبين الصيني والمغربي للبحث عن التبادلات والتعاون بينهما في السنوات المقبلة، ليجلب المزيد من المصالح الواقعية للشعبين الصيني والمغربي.