قلم عادل بن الحبيب
الأحد 15 دجنبر 2024 – 15:33
اللاموقف حالة تثير الكثير من الجدل، حيث يبدو فيها الشخص متجنبًا اتخاذ قرار واضح في قضية أو موقف معين. لكن السؤال الذي يُطرح هو: هل اللاموقف يُعتبر موقفا في حد ذاته يعبر عن الحياد أو الحكمة، أم أنه مجرد غطاء للجبن وعدم القدرة على المواجهة؟
يرى البعض أن اللاموقف في حد ذاته موقف و قد يكون تعبيرا عن الحياد المتزن أو الحكمة في ظل ظروف معقدة. أحيانا، تكون القضايا شديدة الحساسية أو الأطراف المعنية في غاية التشابك، مما يجعل اتخاذ موقف محدد أمرا يؤدي إلى أضرار أكبر. في مثل هذه الحالات، قد يختار الشخص اللاموقف لتجنب التصعيد أو الإضرار بمصالح عامة.
من جهة أخرى، ينظر كثيرون إلى اللاموقف على أنه دليل على الخوف أو عدم الجرأة. عندما يواجه الإنسان موقفا يتطلب الوضوح والوقوف مع الحق، فإن اختياره للاموقف يعد هروبا من تحمل المسؤولية، وقد يصل إلى حد التواطؤ غير المباشر مع الباطل. كما يقال: “الساكت عن الحق شيطان أخرس”، وهو تعبير عن أن عدم اتخاذ موقف عند مواجهة الظلم أو الخطأ يُعد خيانة للأمانة الأخلاقية والإنسانية.
وهناك من يرى ان الحكم على اللاموقف يتوقف على السياق الذي يتم فيه اتخاذه حيث ان هناك اللاموقف الحكيم، عندما يكون الشخص غير ملم بكل جوانب القضية أو يرى أن تدخله قد يؤدي إلى ضرر أكبر. في هذه الحالة، اللاموقف قد يعتبر موقفا ناضجا ومتزنا ،وهناك اللاموقف الجبان عندما يتجنب الشخص اتخاذ موقف خوفا على مصالحه الشخصية، أو تجنبا لتحمل العواقب. هنا يصبح اللاموقف ضعفا وعيبا أخلاقيا.
المواقف تعبر عن شخصية الإنسان وقيمه، فهي مرآة لمبادئه وشجاعته،اتخاذ موقف، حتى لو كان بسيطا، يثبت أن الشخص مستعد لتحمل المسؤولية ويؤمن بضرورة التصرف بما يراه صائبا،
كما قال الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: “الإنسان مسؤول دائمًا، حتى عندما يختار ألا يفعل شيئًا.”
في رأيي اللاموقف قد يكون موقفا في حالات نادرة تتطلب الحكمة والحياد، لكنه غالبا يعتبر جبنا إذا كان السبب الحقيقي هو الخوف أو الأنانية.الوقوف مع الحق يتطلب شجاعة وصبرا، وفي النهاية، يحترم الإنسان بمواقفه لا بصمته. اللاموقف في الغالب هو مجرد انتهازية ،فصاحبه ينتظر المنتصر في المعركة لكي يعلن الاصطفاف معه و في الأخير تبقى الرجولة مواقف ، و المواقف هي التي تجعل الإنسان عظيما.