صدى المغرب – منير حموتي
الثلاثاء 06 ماي 2025 – 22:21
يقبع المسبح البلدي لمدينة وجدة خلف أبواب حديدية موصدة منذ سنة 2019، في مشهد يعكس حجم الإهمال الذي طاله على مدى السنوات الماضية، وتحول من فضاء حيوي للترفيه والاستجمام إلى نقطة سوداء وسط حديقة للا عائشة، حيث غطت أرضيته الأوحال والفضلات، وزحفت الأعشاب ومخلفات الأشجار على جنباته، في وقت استقرت فيه طيور اللقالق أعلى الأشجار المحيطة بالمكان، وكأنها تنعي مرفقًا كان نابضًا بالحياة.
المسبح الذي يشغل مساحة تقارب 13 ألف متر مربع، كان المتنفس الوحيد لآلاف الأسر الوجدية، خصوصًا ذات الدخل المحدود التي لا تقوى على تحمل تكاليف المسابح الخاصة أو الفضاءات الترفيهية السياحية. وقد ظل على مدى عقود يشهد إقبالًا كثيفًا، لا سيما خلال فصل الصيف الذي تعرف فيه المدينة درجات حرارة مرتفعة تدفع الساكنة إلى البحث عن أماكن للاستجمام، رغم بُعد أقرب شاطئ السعيدية بحوالي 65 كيلومترًا.
ويقع المسبح في قلب حديقة للا عائشة الممتدة على مساحة 16 هكتارًا، والمتميزة بتنوعها البيئي ونباتاتها الموسمية وأشجارها شاهقة الطول، ما منح الموقع طابعًا استراتيجيًا ضمن النسيج الحضري للمدينة، وسهّل من ولوجه من مختلف الأحياء المجاورة.
شهد المرفق، في سنة 2008، عملية إعادة تأهيل شاملة وتدشينًا رسميًا من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حيث أعيد افتتاحه بحلة عصرية شملت ثلاث مسابح بتقنيات متطورة لمعالجة المياه، وتجديد المرافق الصحية، إلى جانب إحداث مقصف داخلي، قبل أن يخضع لعملية ترميم ثانية سنة 2015. غير أن جميع هذه الجهود لم تمنع إغلاقه في صيف 2019، لتدخل وجدة بعده في صيف طويل وسنوات بلا مسبح عمومي.
ورغم الأصوات المطالبة بفتح المسبح وإعادة إحياء دوره الاجتماعي والرياضي، لم يصدر أي قرار رسمي من الجهات المعنية بشأن مصيره، في وقت لا تزال فيه الساكنة تتساءل عن الأسباب الحقيقية خلف استمرارية إغلاقه، ومدى استعداد المجلس الجماعي لتحمّل مسؤوليته في إعادة هذا المرفق إلى الحياة وادرج نقطة خلال احدى الدوارات.
و تناشد ساكنة مدينة وجدة و توجه نداءها الى السيد الخطيب الهبيل والي ولاية جهة الشرق، من أجل إدراج المسبح ضمن أولويات البرامج التنموية، لما يمثله من متنفس اجتماعي ورياضي لشريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا في ظل محدودية الفضاءات الترفيهية، واستمرار موجات الحر التي تشهدها المنطقة الشرقية عمومًا ووجدة بشكل خاص.
ويبقى مصير المسبح البلدي معلقًا بين ذاكرة جيل احتفظ بصور الاكتظاظ والإقبال الشعبي، وجيل جديد لم يعرف من المرفق سوى بابه المغلق وحيزًا مهملًا داخل واحدة من أجمل حدائق المدينة.