صدى المغرب – فايزة مزييري
الأحد 18 ماي 2025 – 14:14
يشهد العالم تحولًا جذريًا يشكل مرحلة مفصلية في مساره التكنولوجي، يتجلى بوضوح في صعود الذكاء الاصطناعي كأحد أبرز مظاهر الثورة الرقمية وأيضا كقوة محركة لتطوير القطاعات الإنتاجية وإحداث تأثيرات عميقة على اقتصاد المجتمعات. وفي ظل الظرفية الراهنة أصدر مجلس النواب تقريرا شاملا أعدته مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول موضوع “الذكاء الإصطناعي تتساءل فيه عن الآفاق والتأثيرات.”
إنطلق التقرير من تقديم تشخيص دقيق لمنظومة الذكاء الاصطناعي في المغرب ورصد تأثيراته والوقوف عند مختلف الرهانات والإشكالات المتعلقة باستعماله مع ضرورة تبني إرادة سياسية ناشئة وتنامي وعي جماعي بأهمية انخراط المغرب في التوصيات الدولية بشأن الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للثورة الرقمية، يبقى هذا التطور المنشود في بلادنا بحاجة الى إطار قانوني وتنظيمي مُحكم، في ظل غياب رؤية استراتيجية وطنية شاملة ومندمجة تعد من بين التحديات التي تعيق تطور الذكاء الاصطناعي بالمغرب.
وقد جاء التقرير وفق زاوية معالجة الواقع البرغماتي الذي يراعي التطورات السريعة للثورة التكنولوجية والمعلوماتية وبالتالي قدرة بلادنا على مواكبة كل هذه التطورات قانونيا وأخلاقيا، والوقوف عند المزايا التي تتيحها الآلة وكذلك المخاطر المرتبطة بها، بالنظر في آفاق هذا التحول وتقدم رؤية مركبة حول مكامن القوة ونقاط الضعف، وتوصيات استراتيجية قابلة للترجمة إلى سياسات عمومية فعالة، بحيث يتيح الذكاء الإصطناعي فرصة نحو خدمة التنمية واستدامتها بالموازاة مع تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.
إن التأكيد على الاستخدام المعقلن والمنظم لهذه التقنية بشكل يسمح بإدماجها في قلب السياسات العمومية كعامل مهم لصناعة الثروة وتنميتها، خاصة في مجالات البرمجة أو تحليل البيانات أو التسيير المبتكر للمشاريع الرقمية. مع مراعاة ضرورة إحداث بنية وطنية قائمة على قاعدة البيانات وحماية المعطيات مع ضبط شروط الولوج الى هذه القواعد وضمان الأمن السيبراني.
على مستوى البحث العلمي والإبتكار، أوصى التقرير بإدماج الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي والتقني، مع مضاعفة الجهود لسد الفجوة في الكفاءات العلمية والتقنية، من خلال الإستفادة من خدمات الذكاء الإصطناعي بشكل يضمن فعالية الأداء والجودة، ويراعي كذلك الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية.
في توصياته، دعا تقرير مجلس النواب على تطوير استراتيجية وطنية متكاملة، تتبنى الذكاء الاصطناعي كأداة لإعادة بناء السيادة الرقمية من خلال التنسيق بين الفاعلين، بهدف تبوء موضع الريادة في استشراف المستقبل وتشكيله، بدلًا من مجرد التكيف مع متغيراته، لضمان تحقيق تنمية رقمية عادلة ومستدامة في أفق سنة 2030.
