آخر الأحداث

البكاء على الحياة قبل الموت وتلك المعادلة الصحية باحترام الحي.

هيئة التحرير16 يونيو 202547 مشاهدة
البكاء على الحياة قبل الموت وتلك المعادلة الصحية باحترام الحي.

محسن الأكرمين.

الاثنين 16 يونيو 2025 – 19:59

قلبي قد يظل غريبا عَنِّي مرات عديدة، وقد ينفطر من شدة الألم والوجع وفوارة الدمع، رغم إحساسي أنه لا زال يسارع سياسة تحريك النبض رويدا رويدا، ويعاود إحياء حركاتي الآلية بالتدفق. حين لامست بعضا من دمعاتي الشعورية تتساقط بالتدفق المتقطع، قالت: بحق الله، وفر دمعات ليوم وفاتي، وفراق النعش !!!
نعم، وجودية قلبي من وجودية عالمي المزدوج، ومن حُكْم الثوابت الصلبة التي لا ينفرط عقدها، حتى ولو بصيغة من المتغيرات الزمنية المتآكلة. بحق الله، أشعر أن قلبي بيني وبينكم يتوزع بالتأمل البشري والبحث عن السؤال الوجودي الأنيق، ومن هذا قد يستنشق أكسجين الحياة ومداومة العيش حتى ولو بمرآة الأشباح المتحركة، لكنه لن يكبح بالفرملة السريعة لدمع يحب الحياة لا الموت.
لن أقبض على أنفاس قلبي النابضة بالحركة التفكيكية، لأني لن أقدر حتما على الجمع بين الظواهر حتى ولو بالتجانس، فبالأحرى الاختلاف والتناقض والانفعال والفوضى. حين سلطت رؤيتي استبدادا عليها، علمت أنها بحق عليلة، وتنظر بكائي في حياتها قبل مماتها… فبكت عيني وأفزعت قلبي…
مرات عديدة أظل غريبا عن ذاتي ومن محيطي، و قد يتهرب مني قلبي طواعية بالانفطار، وينفر ظلي من مجالستي، ومآنستي بالفرح والتحرك عشية وإبكارا، وحتى الخوض في حقوق اللامعقول في العبثية الفوضوية. مرات عديدة أمارس سياسة العبثية وأتجاهل منطق العقل عنوة، وقد أطلق العنان لأحاسيس الشعورية حد البكاء عن ماض لم أعرف حتى فجوات إخفاقاته، فلما البكاء إذا؟؟.
مرات أخرى يبيت قلبي غريبا عن روحي، ولم أقدر ولو بجزء ذرة من النيل معرفة من أمر سقراط بالتعالي(اعرف نفسك) أولا!!! فكل عالمي أشعر بطاقته وعوالمه الخفية قدر الإمكان والممكن. أعلم تلك الفرص التي لا حصر لها لامتلاك الحاضر والمستقبل، والتغاضي عن عيوب الماضي، لكن الماضي يظل يفزعني، وقد تسقط دمعتي بقوة تحولاته التي لا تنتهي من عبثية الفكر المدلل والشيطاني. من حساب أرقام ساعتي اليدوية، أنني تعلمت إرجاع عقاربها للوراء في شتى أمور من حياتي، خوفا من المستقبل والتغيير. وقد علمني قلبي قاعدة الاستياء من الحياة عند غياب الرؤية الواضحة، ومطارحة المزايدة عن مظاهر الأمن الذاتي. علمني قلبي نهم شرب الماء بعد العطش المعرفي، ومناولته دفعة واحدة عن طريق شرب القطيع الحيواني من الوادي.
قد تكوني حاجتي لقلبي لازمة مثلكم ولدمعي، لكنه في نعومة إحساسه يؤلمني من البؤس، و من المجاعة المعرفية بالضغط ومن دموع الفياضة. أكيد، أن قلبي لا يصارحني البتة عن كل أخطائي المعيشة، وانفجار جزء من الأوضاع بلا هوادة. لا يفاوضني عن الأسوار الشاهقات التي تقلص مساحة انفراجه بالضوء المريح، فهو دائما يرفق لحالي ولمشاعري الباكيات، ويزيد بالصدفة من نماء العقل عندي كأقدم النبلاء في العالم. كم كان قلبي صلدا حين ينغص حياتي ويُرعب عقلي عن زيف العالم والعدل، ومن الكآبة والحنين إلى البكاء.
في خريطة قلبي، يتربع العالم والكون في انسجام، لكن علاقتي بالحياة تبقى دائما رهينة بمعرفة متى قد يتصحر فكري نكوصا، ومتى تنجلي غمامة عيش المواجع… واستعادة ممرات الحقيقة المباشرة، ولما لا البكاء على الحياة قبل الموت…