قلعة السراغنة-محمد الحجوي
الاثنين21يوليوز2025-22:59
في ظل صمت الأنهار وهدير المياه، يواصل الموت حصاده الصامت في أحواض السقي بقلعة السراغنة. طفل في الرابعة عشرة من عمره كان ضحية جديدة لهذه المأساة المتكررة، لقي حتفه غرقاً في دوار سيدي موسى بجماعة لفريطة. تحولت لحظات اللعب البريء إلى رحلة لا عودة منها، تاركةً وراءها أسرة تئن تحت وطأة الفقدان.
تتجدد المأساة مع كل صيف، ومع كل حرارة لاهبة تدفع الأطفال والمراهقين نحو أحواض السقي هرباً من لهيب الشمس. لكن تلك الأحواض، التي تبدو بريئة، تتحول إلى فخاخ قاتلة. لا إنقاذ هناك، لا معدات طوارئ، ولا حتى لافتات تحذير تكفي لردع الأقدام التي تتهافت نحو المياه. الغرق هنا ليس حادثاً عابراً، بل نتيجة حتمية لإهمال متكرر، وغياب تام لثقافة الوقاية.
الخطر لا يكمن في المياه وحدها، بل في الغياب المخيف لتدابير السلامة. تيارات خفية، قيعان غير مرئية، وعمق قد يتغير فجأة. كلها عوامل تجعل من السباحة في هذه الأحواض رهاناً بالمصير. ومع ذلك، لا يزال البعض يتعامل مع الأمر بلامبالاة، وكأن التحذيرات مجرد كلمات عابرة لا تعنيهم.
حان الوقت لمواجهة هذه الكارثة بجدية. التوعية وحدها لن تكفي، بل يجب أن تصاحبها إجراءات صارمة: حراسة الأحواض، وضع سياجات تحول دون الوصول العشوائي، وتوفير فرق إنقاذ في المناطق الأكثر عرضة للحوادث. الأرواح التي تُزهق ليست أرقاماً، بل أحلاماً تُدفن تحت المياه، وأسراً تُحطم إلى الأبد.
فليكن هذا الطفل الأخير الذي يفقد حياته بهذه الطريقة المأساوية. فلنعمل معاً، مسؤولين ومواطنين، على وقف هذا النزيف. رحمة الله على الضحايا، والصبر لذويهم، وليكن هذا الحدث الأليم جرس إنذار يُسمعه الجميع.