قلعة السراغنة-محمد الحجوي
الجمعة25يوليوز2025-00:33
في واقعة تمسّ القيم الإنسانية وتنتهك ثقة المواطنين في الخدمات العمومية، تداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو يُظهر سائق سيارة إسعاف تابعة لجماعة العطاوية وهو يبتز مواطنًا مصابًا، مطالبًا إياه بدفع مبلغ مالي قدره 100 درهم مقابل نقله إلى المستشفى. الضحية، الذي كان يعاني من نزيف حادّ نتيجة اعتداء أدى إلى بتر أحد أصابعه، وجد نفسه أمام موظف جماعي حوّل مهمته النبيلة في إنقاذ الأرواح إلى فرصة للابتزاز، متجاهلاً تمامًا حالة الضعف والألم التي كان يعانيها المصاب.
هذا الحادث أثار استياءً واسعًا بين سكان المنطقة، حيث اعتبره الكثيرون جريمة أخلاقية وقانونية لا يمكن التغاضي عنها أو اختزالها في “خطأ فردي”. فالمواطن الذي يلجأ إلى سيارة إسعاف في حالة حرجة يكون في أمسّ الحاجة إلى المساعدة العاجلة، وليس إلى من يستغلّ ضعفه لتحقيق مكاسب شخصية. وقد أظهرت ردود الأفعال مدى الصدمة التي خلفتها هذه الواقعة، خاصةً أنها تمسّ هيبة المرفق العمومي وتُضعف ثقة الناس في المؤسسات المسؤولة عن تقديم الخدمات الأساسية.
من الناحية القانونية، فإن هذا الفعل يندرج ضمن جرائم استغلال النفوذ والرشوة، كما ينص على ذلك الفصل 243 من القانون الجنائي المغربي، الذي يعاقب كل موظف عمومي يطلب أو يقبل هبة أو وعدًا مقابل القيام بعمل من أعمال وظيفته. وتزداد خطورة الجريمة عندما ترتكب في ظروف استثنائية، كاستغلال حالة الضعف أو الاستعجال، وهو ما ينطبق تمامًا على هذه الواقعة، مما يجعلها تستوجب عقوبات مشددة وفقًا للفصول 248 و250 من القانون ذاته.
وفي ظلّ انتظار نتائج التحقيق، تبرز تساؤلات ملحّة حول مدى رقابة الجماعات الترابية على العاملين في مجال الإسعاف، ووجود آليات رادعة تحول دون تكرار مثل هذه الحوادث. فغياب المحاسبة الفعلية قد يشجع على انتهاكات مماثلة، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لضبط هذا القطاع الحيوي. فسيارة الإسعاف يجب أن تظلّ رمزًا للأمان والإنقاذ، لا أداة للابتزاز والاستغلال.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل ستتخذ الجهات المعنية إجراءات حاسية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، أم أن الصمت سيكون مرة أخرى هو الردّ الوحيد؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكنّ الضمير الجماعي يرفض أن تمرّ مثل هذه الأفعال دون عقاب.