بقلم عادل بن الحبيب
الثلاثاء 18 نونبر 2025 -13:30
انتخاب المملكة المغربية لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للفترة 2025-2029 يعد إنجازا دبلوماسيا وثقافيا يعكس المكانة الرفيعة التي بات المغرب يحتلها داخل المجتمع الدولي، واعترافا بدوره الفعّال في ترسيخ قيم الحوار والتعددية الثقافية وحماية التراث الإنساني. هذا الاختيار يظهر حجم الثقة التي يضعها العالم في المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجال تعزيز التعاون الدولي المرتبط بالتعليم والعلوم والثقافة والاتصال.
على المستوى السياسي والدبلوماسي، يشكل هذا الانتخاب تأكيدا لنجاح المغرب في بناء شبكة علاقات متينة مع مختلف الشركاء، وفي الدفاع عن قضايا البلدان النامية داخل المنتظم الدولي. كما يمنح المملكة صوتا مباشرا في صياغة استراتيجيات المنظمة وتوجهاتها الكبرى، وفي التأثير على السياسات الدولية المتعلقة بمجالات حيوية ترتبط مباشرة بمستقبل الشعوب والتنمية المستدامة.
أما على المستوى الوطني، فهذه العضوية تتيح فرصة ثمينة لمواكبة المعايير والتوصيات الدولية، وتحويلها إلى مشاريع وإصلاحات ملموسة في قطاعات التعليم والتكوين والبحث العلمي والحفاظ على التراث الثقافي واللامادي. ويمكن أن تسهم أيضا في تعزيز الحضور المغربي في الشبكات العلمية والثقافية، وجلب فرص شراكات وتمويلات جديدة، خصوصا في مجالات الابتكار والقطاع الرقمي والذكاء الثقافي. كما تعتبر هذه العضوية رافعة قوية للدبلوماسية الثقافية المغربية، بما تمتلكه المملكة من غنى حضاري وتنوع هوياتي يجعلها جسرا فريدا بين إفريقيا والعالم العربي وأوروبا.
ومع ذلك، فإن هذا الإنجاز لا يخلو من تحديات، إذ تظل الرهان الأكبر هو الانتقال من الاعتراف الدولي إلى الأثر الوطني. ويتطلب ذلك جهدا مؤسساتيا من خلال وضع استراتيجية وطنية متناسقة مع رؤية اليونسكو وبرامجها، مع تطوير آليات للمتابعة والتقييم، وضمان انخراط فعلي لمختلف الفاعلين من إدارات عمومية وجامعات ومجتمع مدني وقطاع خاص. كما من المهم الاستثمار في تقوية الكفاءات الوطنية المختصة بملفات اليونسكو، لضمان حضور فعال ومبادر داخل المجلس التنفيذي ولجانه.
إن انتخاب المغرب داخل واحد من أهم الأجهزة التقريرية في اليونسكو يشكل لحظة مفصلية لتعزيز دوره كقوة اقتراحية في محيطه الإقليمي والدولي.
هو اعتراف بما تم تحقيقه، ولكنه أيضا دعوة لتكريس المزيد من العمل والاجتهاد كي يتحول هذا الفوز إلى نتائج تنموية ملموسة تنعكس إيجابا على المواطن المغربي، وعلى مكانة المغرب ضمن خارطة التأثير الدولي في مجالات التعليم والعلم والثقافة.
إنها فرصة تاريخية لتقوية دور المغرب في رسم ملامح المستقبل الثقافي والمعرفي للعالم، وفرصة أكبر للاستثمار في الذكاء المجتمعي المغربي من أجل غد أفضل.




