ذ.محسن الاكرمين
الاربعاء 14 يونيو 2023 – 22:06
من البداية نقر بالإلزام أن هنالك مجموعة من المصطلحات الكبرى التي قد لا تَلْقَى اعتبار التوافد في الدلالة الرمزية، وبيان المعنى الحقيقي على مستوى (الخطاب الفكري )، لكنا قد نُطلقُ عنان اللغة في اقتحام التأويل (التجديد العقلاني والنقدي للتاريخ الثقافي)، ولما لا استيفاء رمزية الدلالة السيمائية بكل أريحية.
فحين التفكير في شكل القطيعة بين الواقع والخيال، وبين الماضي والحاضر، فإننا نلعب لعبة الطريقة البولسية (البطل واللص) في البحث عن مستوى (الخطاب الفكري) بتنوع الروافد، وقد نقف عند علو سد فارغ وجاف من أثر الخطاب، و ركام من الفكر الذي لا ينتج طاقة مياه تغير الواقع، وقد يرتكز التفكير عند مستوى المياه الراكدة، ببحث في خطاب الحواشي والهوامش.
فالحراك في فكر ذاكرة لغة الدلالة الداخلية (النظام المعرفي)، والتي تتأسس على الإنسان باعتباره (علامة من نسقية) من البنيات الثقافية. فلطالما الحداثة (البعدية) تخلق نوعا من غرابة تناسق (الخطاب) وائتلاف (الفكر) باعتبارهما من المتناقضات المتجانسة وغير المتنافرة كليا.
وقد تصل لغة العداوة بين (الكاتب والناقد) و(الكاتب والقارئ) في أثر الفكر. فالمهادنة في الدراسات الثقافية غير قائمة الذات، بل متحركة مثل الرمال المتموجة. من تم، يمكن الاصطلاح على تلك الفجوة القاتلة، بتسمية القطيعة الفيزيائية (الثورات العلمية مطلع القرن العشرين)، بين أثر الرسالة وأداء المرسل في الفكر من جيل لآخر ممتد.
اليوم، بات الكتابة تحمل شفرات الرقمنة و الذكاء الاصطناعي، بات فيها القارئ يتفاعل بالشكل المباشر مع النص الفكري/ والخطابي، وفتح قنوات الاندماج مع الرسالة، ولما لا خلق حالات من الضبط والتصويبات وملاحقة اللواحق، وبناء أجوبة متنوعة لتلك الكتابات التي يمكن أن تنتهي بأسئلة استنكارية، ولما حتى الإخبارية منها، القابلة للتأويل والبحث عن اللاممكن في متغيرات الخطاب.
فمن تمثل القارئ المستهلك السلبي والنمطي في نَهْلِ المعرفة والفهم، إلى ثنائية القارئ التفاعلي، الذي قد يصبح عدوا ليس للكاتب والكتابة، بل عدوا وناقدا حربيا في تطوير(الخطاب الفكري ) والنص، بعيدا عن أدب (الشكلانية). فالناقد النبيه (المسالم)، هو الذي يحبب القراءة للمتلقي و الباحث، ويُزكي توافق خطاب الكاتب و فكر المتلقي. أما النقاد من علو منبر الثقافة السمجة، ومن جهابذة علماء الشَّدة والجرِّ فَهُم ْبحق من أفزع ممارسة فعل القراءة، وبدا الكتاب يماثل الصنم الأكبر الذي حطم رمزية أصنام الثقافية والمعرفية الصغرى.
لعنة اللغة والمعنى بين الكاتب و القارئ تستفحل حدة بزيادة العداوة والغربة من داخل لغة الخطاب، فبالأحرى مع فكر القارئ المتردد والمتنوع. من تم قد تبيت الثقافة تتسم بالتحنيط، وتصيبها تعرية الحث في الزمن والمكان والحدث، وفي دلالة المعنى ونوعية الإيديولوجية. إنها الكارثة الآتية من زمن هجاء (يغرف من البحر وينحت في الحجر)، والتي أفسدت الثقافة برؤية العصيان (أنا ربكم الأعلى!!)، وأتلفت مشية الكُتابِ والقُراءِ بين نظارة الحمامة وحفرة ثقافة التناقل الذي صنعها الغراب من تاريخ قابيل وهابيل (الكاتب والناقد).
المشكلة العويصة أن تلك التيارات التقاطعية بين ثقافة الماضي، ومنتجات ثقافة الحاضر يستبيح (الصدمة الثقافية)، وما يفد من عولمة المعلومة وكونية المعنى ونقد الآليات المنتجة للمعرفة ( المنهج الابستمولوجي)، الأمر يسقطنا في تنازع الأفكار بين تمثيل رمزية (الأنا/ الهوية) و(الآخر) بالتحدي، بين (الماضي) في رمزية (الذهب) و(الحاضر) في عجز تسمية (الحديد). من تم قد نتخلى عن الذوات من شدة التحدي (الغربي) والانبهار مع منتجات (الآخر) المستنيرة بالمفرقعات المدسوسة في ثقافة الاستلاب وقتل القيم.
قد نتقمص (الأنا) العلوية (الطاهرة)، ونلبس ثوب الأسلاف ثقة في (العقل الأخلاقي)، ومفهوم (العقلانية التأسيسية)، وقد لا نحيد قيد أنملة عن اجترار المتون والحواشي (بداية التخلف)،ثم نسقط في تثمين (الماضي) باختلافه، ونجعل من (الحاضر) رمز البؤس والتيئيس، وقد نتخلى عن الذات، وما ورد من قيم الماضي ونرتمي في حضن (الآخر) و(الحاضر) المتعري بكل أنواع التفاهة ومفزعات عولمة.