صدى المغرب – تحقيق صحفي من انجاز سعدة ايت اوعتاني
الجمعة 11 غشت 2023 – 19:20
قبل كتابة هذا التحقيق نود أن نشير إلى أن آفة الطلاق تنتج عنها آفات متعددة ومتشعبة وحساسة ،فكلما حققنا في آفة نجد أنفسنا داخل أخرى، كل واحدة منها تأخذنا إلى عالم اخر وكل واحدة منها لها تأثيرها على الاسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام،وفي هذا التحقيق اخترنا التطرق لظاهرة الطلاق كآفة وليس كأرقام لأن هذه الاخيرة تتزايد يوما بعد يوم.
أصبحت ظاهرة الطلاق تأخذ منحى خطيرا داخل المجتمع المغربي، كما أن تفشيه له عدة أسباب ويطرح إشكاليات متعددة ، كما ينتج عنه آثار كثيرة من شأنها التأثير بشكل سلبي على حياة الاسرة والمرأة والطفل والمجتمع، وبغض النظر عن ما سيسفره التفكك الأسري من تصدعات إلا أن هذه الظاهرة ستكون نتاج عدد من الآفات التي نعيشها من استغلال الأطفال والنساء في التسول، أطفال في وضعية شارع ،والاسر المتخلى عنها الى جانب تعاطي المخدرات والهدر المدرسي.
إن التغير الاجتماعي المقترن بعدة أسباب منها تغير العقليات أدى إلى إحداث عدة تغيرات أبرزها تغير الاسرة من وضع متماسك يكون فيه الزوج والزوجة ركيزة هذا التماسك والاستقرار الى أسرة هشة أصبحت تجد الطلاق الحل الوحيد لمعالجة المشاكل التي تعيشها على اختلاف العوامل وطبيعة الزوجين ، إلا أن عواقبه (الطلاق) تكون وخيمة ….
الطلاق في ارقام
كشف تقرير رسمي بمناسبة اليوم الوطني للمرأة،أن حالات الطلاق بلغت ازيد من 60 ألف حالة من “طلاق الشقاق” في سنة واحدة، لافتا إلى أن “الانفصال للضرر شكل نحو 99 بالمئة من تلك الحالات”.
وذكر التقرير الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط تحت عنوان “المرأة المغربية في أرقام”، أن العام المنصرم شهد 60592 قضية “طلاق شقاق” من بين 61147 قضية جرى صدور أحكام فيها.
ولفت التقرير، أن “40 بالمائة من النساء فوق 15 سنة عازبات، مقابل 28,3 بالمائة من الذكور، و1,1 بالمائة أرامل، مقابل 3,7 بالمائة من الذكور، و0,8 بالمائة مطلقات، مقابل 10,8 بالمائة من الذكور”.
كما أشار إلى أن “معدل سن الزواج الأول عند النساء يقدر بـ25,5 عاما، بينما يرتفع إلى 31,9 سنة لدى الرجال”.
أسباب الطلاق
لازالت أسباب الطلاق مجهولة لحد الآن لكن لعل أبرزها الضرب والعنف بجميع اشكاله والعامل الاقتصادي العادات والتقاليد وزواج القاصرات، وعدم قدرة الزوجين على حل النزاعات الداخلية ،بالإضافة الى التراكمات الموجودة سابقا من أهم ما يؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق .
وفي ظل التطور الذي يعيشه المتجمع أصبحت متطلبات الحياة أكبر ، واصبح العامل الاقتصادي من بين أهم المسببات حيث أوجدت خلافات عند الأزواج الراغبين في مستوى عيش أعلى مما تسمح به الظروف، بالإضافة إلى العامل الاجتماعي، وثقافة التواصل والتفاهم يزيد من اختلاف طبيعة التعامل بينهما ليصل الحل الى انهاء علاقة فاشلة ،إلى جانب العادات والتقاليد وتدخل العائلات في الخلافات الزوجية يلعب دورا كبيرا في ارتفاع حالات الطلاق.
الاختلاف الثقافي يلعب دورا كبيرا في ارتفاع نسبة الطلاق حيث يمكن أن تخلق الهوة الموجودة بين تقاليد الزواج المغربية وبين توقعات الأزواج الشبان المتأثرين بالتغيرات الاجتماعية العديد من الصدمات التي تفضي في نهاية الأمر إلى انهاء العلاقة الزوجية في غضون اشهر.
على العموم لا يمكن التكهن أو معرفة الأسباب المؤدية الى الطلاق ، حيث يظهر الطلاق في المغرب نتيجة لمجموعة من العوامل المتنوعة التي تتشارك لتشكل تحديا في استقرار العلاقات الزوجية، ولكن تبقى الأثار الجانبية لهذه الظاهرة هي الأهم .
الآثار والتدابير
إن تفكك الاسرة وانهيارها يسبب ارتفاعا في عدد الاسر المنفصلة ، مما يتطلب تحديات اجتماعية واقتصادية لتلبية حاجيات هذه الاسر، كما يقع الأطفال ضحية للتأثيرات الناتجة عن الطلاق مثل القلق الاضطرابات السلوكية، الفشل في الدراسة و الهدر المدرسي ،انحرافهم على المستوى الأخلاقي مثل تعاطي المخدرات ،استغلال الأطفال في التسول ،ظهور حالات أطفال في وضعية شارع وأطفال في وضعية صعبة ،ولهذه الأسباب تم إحداث خلايا من أجل تكفل قضائي ناجع بالنساء والأطفال .
ورتبت الاستراتيجية الوطنية سواء المتعلقة بالمرأة كاستراتيجية مناهضة العنف ضد النساء او الاستراتيجية من اجل الانصاف والمساواة بين الجنسين ،أو المتعلق بالطفل خاصة الخطة الوطنية للطفولة “مغرب جدير بأطفاله”، التزامات على عاتق كافة القطاعات الحكومية على رأسها وزارة العدل التي بادرت إلى تفعيل هذه الالتزامات من خلال انخراط فعلي في اصلاح استهداف النهوض بأوضاع المرأة والطفل وتعزيز حمايتهما الجنائية، وقد انطلق هذا المسار بإحداث خلايا التكفل بالنساء والأطفال لدى النيابة العامة بمختلف محاكم المملكة ،بناء على دورية السيد وزير العدل المؤرخة في 31 دجنبر 2004 التي وضعت الاطار العام لدور هذه الخلايا في الارتقاء بالعمل القضائي واعطاءه البعد الاجتماعي والإنساني المطلوب في هذا المجال.
وتعتبر خلايا التكفل بالنساء والأطفال الالية التنفيذية لاستراتيجية وزارة العدل في ميدان التكفل القضائي بالنساء والأطفال.
كما تفيد وزارة العدل خلال استراتيجيتها في خفض ارقام الطلاق، إخضاع الأزواج لدورات تأهيل في الحياة الزوجية، سيساهم في بناء أسرة سليمة والحفاظ على كينونتها، كما سيكون له انعكاس إيجابي من خلال المساهمة في الحد من ارتفاع حالات الطلاق والتطليق بين حديثي الزواج.
سياسة اسرية جديدة تحول دون الوصول الى الطلاق
بعد الارتفاع الملفت لحالات الطلاق ، والذي اصبح يأخذ منحى خطيرا ،نهجت وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والاسرة سياسة اسرية جديدة تحول دون وصول الزوجين الى الانفصال ،وهذه الاستراتيجية تعتمد على مقاربة اجتماعية تعتبر الاسرة لبنة أساسية في التماسك الاجتماعي ،حيث تلعب الاسرة المتماسكة دورا مهما داخل المجتمع .
وستعمل هذه السياسة على توعية الأزواج المقبلين على الزواج بأهمية المؤسسة الاسرية ، حيث سيتم اعتماد وساطة اسرية، بالإضافة على انها فضاء محوري لتملك ثقافة المساواة والحقوق.
وحسب وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والاسرة، فإن السياسة المندمجة ستكون جسر تواصل بين الأزواج وستساعد الشريكين قبل الزواج وبعده على الاستفادة من تكوين وتنشئة اجتماعية سليمة، ستمكن من توعية الأزواج على فهم المسؤولية المقبلين عليها ، وأن المؤسسة الزوجية لها حرمتها ويجب على الزوج والزوجة اقتسام ادوارهما لبناء جيل واعي بمسؤوليته ، والهدف من هذه السياسة القضاء على الظواهر التي ستنتج عن الطلاق منها استغلال الأطفال في التسول وغيرها من الآفات التي أصبحت شائعة في مجتمعنا .
وقد عملت الوزارة بتنسيق وتعاون وثيقين مع مختلف الفاعلين الحكوميين على اعداد مشاريع وبرامج تهدف إلى حماية الأسرة والحفاظ على استمراريتها عبر توفير خدمات ذات قيمة مضافة مع قبيل إعداد برنامج الوساطة الأسرية والرفع من كفاءات العاملين الاجتماعيين في مجال الاسرة وتقوية قدرات الجمعية العاملة بذات المجال وغيرها من الخدمات، على إعتبار أن مجال الاسرة يعد مجالا حيويا اجتماعيا بامتياز.
المركب الاجتماعي ابتسامة
يلعب المركب الاجتماعي ابتسامة بالعاصمة الإسماعيلية مكناس ،دورا مهما في تقديم خدمات إجتماعية عديدة المزايا لفائدة الوافدين عليه من نساء وأطفال ضحايا العنف الاسري والزوجي، ويقدم المركب أيضا إلى جانب ما تم ذكره مساعدات تخص الاطار القانوني الخاص بالحالات التي يستقبلها يوميا.
السيدة حياة النديشي منسقة الفضاء المتعدد الوظائف للنساء التابع للمركب الاجتماعي ابتسامة، تقول أن الفضاء هو عبارة عن وحدة من ضمن 4 وحدات بالمركب، يقدم مختلف الخدمات التي تحتاجها النساء ضحايا العنف وفي وضعية صعبة وهشة، حيث يعمل الفضاء الى الاستماع والتوجيه القانوني والنفسي للنساء ضحايا العنف المتعدد.
تضيف السيدة حياة ،ان الهدف من هذا التتبع هو انصاف المرأة وإرجاع كرامتها وتوازنها واستقرارها النفسي وإعادة بناء ثقتها بنفسها من خلال تقوية قدرتها وتأهيلها والعمل بشكل تشاركي من أجل النهوض بثقافة المساءلة الاجتماعية وخلق حكامة تدمج بين المساوات والوقاية والحماية من شتى أنواع العنف.
وتوضح السيدة حياة أن المركب يستقبل حالات مستعصية إلا أن الدعم النفسي الاولي والاستماع للنساء المعنفات ومساعدتهن نفسيا ومعنويا وتقديم الاطار القانوني لهن وتأطيرهن وتكوينهن يمكن الضحايا من تجاوز هذه المرحلة، مشيرة إلى أن المركب ينظم عدة أنشطة وندوات مفادها التوعية بخطورة العنف ضد النساء سواء في المجال الحضري أو القروي.
وتشير السيدة حياة النديشي ،أن الفضاء يستقبل يوميا النساء بمركز الاستماع الخاص بالمركب خصوصا ضحايا العنف الاسري ونزاعات الطلاق ، ويسعى الفضاء الى خلق وساطة أسرية للصلح وتصحيح الأمور بين الأزواج دون أن ينعكس على كرامة الأطراف المعنية .
أما في مجال التأطير والتكوين ،تقول السيدة حياة أن الفضاء يمكن النساء من التكوين والتعلم في حرف ومهن منها الخياطة الحلاقة والتجميل الحلويات الطبخ ،التي يمنح لهن خلال استكمال دورات التكوين ديبلوم يمكنهن من ولوج سوق الشغل، الامر الذي سيجعلهن يعتمدن على أنفسهن ويضمن لهن الاستقرار المادي أولا والمعنوي ثانيا ويمكنهن أيضا من تربية الأبناء وضمان عيش كريم.
الطلاق متعدد والأسباب مختلفة والحلول صعبة
إن الزواج والطلاق ليستا بظاهرتين جديدتين، يقول الأستاذ محمد أديب كبوس المحامي بهيئة مكناس مستدلا بالآية الكريمة، بسم الله الرحمان الرحيم (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف، ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزؤا) صدق الله العظيم.
يضيف الأستاذ محمد أديب أن المحكمة في جلسة قضايا الطلاق تعتمد خلال وجود أطفال على جلستي صلح بينهما مدة 30 يوم حددها المشرع ، وفي حالة عدم وجود أطفال تحدد جلسة صلح واحدة ويحال الملف على النيابة العامة، ثم الى الجلسة العلنية يبث فيه في أقرب الآجال.
وأشار الأستاذ محمد اديب ، أن أغلب القضايا المتعلقة بالطلاق مختلفة ومتعددة الأسباب ويستحيل معرفتها لكون الأمر يبقى مرتبطا بين الزوجين والحلول صعبة رغم محاولة الصلح التي تجري أثناء الجلسات، مبرزا أن بعض حالات الطلاق تأتي أيضا نتيجة العامل الاقتصادي ،حيث يعاني العديد من الأزواج من ضغوطات مالية تجعل العيش المشترك صعب، بالإضافة الى الاختلافات الثقافية والاجتماعية والعائلية التي تلعب دورا كبيرا في ارتفاع نسبة الطلاق ،مشيرا أن الأبناء يقعون ضحية علاقات فاشلة .
وأضاف المتحدث ،أن الاثار المترتبة عن الطلاق ،قد لا يدركها الطرفان أو ما ينتظرهما بعد الطلاق من حقوق وواجبات تتعلق بالحضانة والنفقة ،وأن الامتناع عن أداء الواجبات سينتج عنه إهمال اسرة ،موضحا ان القضية تنتقل من مدنية الى جنحية بعد تحرير محضر امتناع عن أداء بالنفقة والحضانة.
وذكر المتحدث،أن موضوع تزويج القاصرات يعد مشكلة كبيرة وخطيرة حيث انتج أمهات عازبات اذ يتم تزويج قاصرات بدون عقود زواج ويتخلى الزوج عنها،واضاف أن المدونة تتطلب قانون أسري يحمي أسرة مغربية مبنية على المساواة بين المرأة والرجل من أجل جيل سليم.
واعتبر المتحدث ، ان تأهيل الأزواج قبل عقد القران يعتبر مهما ،حيث يساهم بشكل كبير في تكوين وارشاد المقبلين على الزواج لتصحيح واقع يطبعه غياب المسؤولية و الخبرة والمعرفة الكافية بالحياة الزوجية.
من رحم المعاناة يولد الأمل
التقينا العديد من حالات الطلاق الناتجة عن العنف الزوجي والاسري، ولعلا ابرزها قضية سيدة أربعينية التي لم تتوانى عن سرد قصتها لنا وهي في حالة نفسية يرثى لها تقول المتحدثة ،”لقد تزوجت قبل بلوغي سن الرشد أي قاصرة، وانجبت 5 أطفال ،لقد ارغمتني اسرتي خصوصا والدتي على الزواج من شخص لم أشعر بالارتياح له ولم أرغب به مطلقا، إذ كنت طفلة قاصرة ما زلت اريد اللعب مع صديقاتي، الا ان الاقدار والظروف شاءت أن أكون أما لطفلين في سن مبكرة لم تتجاوز 16 سنة .
تحكي السيدة والتي لم تشأ الإفصاح عن اسمها محترمين خصوصيتها في هذا الشأن، تكمل قائلة “لقد تعرضت لعنف وحشي من قبل زوجي الذي كان يعاملني بقساوة وأكثر ما آذاني الاغتصاب الزوجي الذي كنت أتعرض له كل مرة دون رحمة منه ،فهو لا يعرف معنى احترام الزوجة واحترام ظروفها وصغر سنها ،بل كان يعاملني بوحشية حتى اني كرهته جدا وأردت الانفصال عنه إلى أن عائلتي لم تكن في جانبي ولم تستمع لمعاناتي التي تزداد يوما بعد يوم من الضرب والجرح حتى أنه كان يغلق باب المنزل بالمفاتيح لأصبح سجينة له، ناهيك عن الجوع والملابس الرثة التي كنت ارتديها، تكمل وفي عينيها دموع القهر ويديها ترتجفان ،”لقد ارهقني كثيرا لاسيما وأن ابنائي كبروا ويحتاجون لعديد من الحاجيات التي لا استطيع توفيرها لهم ولنفسي، وزادت قائلة لقد تعبت نفسيتي وأصيبت بالمس لكثرة البكاء في الحمام وحيدة ،والان قررت أن ارفع دعوى الطلاق لارتاح منه واستعيد ثقتي بنفسي وابني مستقبلي معتمدة على الله وعلى نفسي” لتختم قولها “من رحم المعاناة يولد الامل وادير الله خير”.
بينما انتهت السيدة من سرد تفاصيل قصتها التي حاولنا اختصارها ،صادفنا حالات أخرى منها من انفصلت جسديا عن زوجها وتركت المجال مفتوحا من اجل استقرار أبناءها ،ومنها من قام الزوج بتهديدها بالقتل ودفعها لرفع دعوى الطلاق ،ومنها من تطلب الطلاق فقط لسبب العادات حيث ان الطلاق متوارث لدى اسرتها ،هذه مجرد حالات من ضمن العديد من الحالات التي تلخص حجم المعاناة داخل اسرة مليئة بالتصدعات والتفكك الناتج عن عدم التواصل والتفاهم والعقلنة.
الطلاق وما يترتب عنه نفسيا واجتماعيا
في هذا الشق علق الأستاذ محسن بنزاكور متخصص في علم النفس الاجتماعي ،أن الأسباب المؤدية الى الطلاق تكون نتيجة وجود تراكمات سابقة منها العنف اللفظي والنفسي -القهر -الفقر –التهديد –الابتزاز بالأطفال – الاضطهاد وعدم قدرة الأزواج على حل الخلافات الداخلية بشكل سلس، مضيفا ان العادات وتدخل الاهل في النزاع يسفر عن وقوع الطلاق.
وأشار الأستاذ بنزاكور ،أن الضحية الأولى لهذا الطلاق هم الأطفال ،حيث ينتج هذا الانفصال نتيجة اهتزاز العلاقة الزوجية ، كما ان غياب التواصل بين الأزواج يعود سببه الى الثقافة السائدة وغياب الاعتراف بالمساواة بين الرجل والمرأة.
وأكد بنزاكور ،أن الطلاق اصبح اليوم ينتج عن أسباب تافهة جدا ويقع قبل اكتمال السنة الأولى من الزواج وهو احد أسباب العزوف عن الزواج ،موضحا ان الأزواج المقبلين على الطلاق لم يؤسسوا لمفهوم الزيجة، الذي يقضي نوعا من التوازن بين الزوجين وعدم ادخال طرف ثالث في الخلاف،في السابق يضيف المتحدث أن الاهل كان لهم دور مهم في اجراء عملية الصلح بين الزوجين وكانت العلاقة الزوجية تبنى على الصبر واحترام الزوج وتحمل الاخر للحفاظ على استقرار الاسرة وحماية الاطفال وتوفير جو اسري دافئ لهم.
وأضاف المتحدث ،أن عدد حالات الطلاق سنة 2022 بلغ 327 الف حالة سنويا ،بينما تسجل 800 حالة يوميا فقط على مستوى مدينة الدارالبيضاء ، مشيرا أن الفئات الهشة هي الأكثر عرضة لهذا الانفصال نتيجة الوضعية الاقتصادية المتدنية والخوف من الاخر وتقديم التنازلات من أحد الطرفين ،ناهيك عن غياب وساطة اسرية والإرشاد الاسري والدعم الاجتماعي للأسرة.
رجال ضحايا العنف الزوجي
لم يقترن العنف فقط بالنساء وإنما على الرجال أيضا، فقد كشف بحث للمندوبية السامية للتخطيط عن الجوانب المتعلقة بالعنف الذي يتعرض له الرجال خصوصا داخل الفضاء الزوجي ، إذ أن ما يزيد عن 31 في المئة تعرضوا للعنف من طرف الزوجة .
وفي هذا الاطار يقول السيد فؤاد الهمزي رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا العنف النسوي ، أن ظاهرة العنف الرجالي من أحد الطبوهات التي لا يمكن للرجال فيها التعبير عن العنف الممارس عليهم من قبل الزوجة ،حيث استقبلت الجمعية عددا من الحالات التي يتعرض فيها الرجال للعنف سواء داخل البيت أو العمل أو الفضاء الخارجي.
يضيف المتحدث ، أن عددا من الأزواج يتعرضون للضرب والاهانة والعنف النفسي واللفظي ،إلى جانب قيام الزوجات بأعمال سحر وشعوذة وابتزازهم بالأبناء والعنف الجنسي ،موضحا أن الرجل يقع ضحية نفسه نظرا للذكورية التي يفرضها المجتمع .
أكد الهمزي ، أن الجمعية تسعى الى تقديم المساعدة للرجال في وضعية نزاعات زوجية أو عائلية وفي حالة الانفصال في ظروف صعبة ،مشيرا أن الرجال المعنفين موجودين في كل المجتمعات مضيفا أن المجتمع الذي نعيشه يتميز بالتقليدي وبتوجه أحادي الجانب يغلبه دائما التعاطف مع المرأة.
وأبرز المتحدث أن النساء تمارس صفة التحايل على الزوج ، حيث تطالب بمقابل مادي أو هدايا مقابل المعاشرة الزوجية ، مضيفا أن هؤلاء الضحايا يتعرضون أيضا إلى التهديد بإبعاد الأطفال عنه والابتزاز الاقتصادي وغيرها من الأمور التي لا يمكن للعقل تصورها حسب تعبيره.
وطالب المتحدث ،بإنشاء خلايا داخل مقرات الشرطة للاستماع الى الرجال ضحايا العنف النسوي ،إلى جانب سن قوانين تحمي حقوق الرجال ،وكذا خلايا محاربة العنف ضد الرجل.
الطلاق من وجهة الفقه
عرفت البشرية الطلاق من قديم الزمان ،وأقرته جميع الشرائع باعتباره حلا مناسبا لانهاء علاقة زوجية فاشلة ، وحين جاءت شريعة الإسلام أقرت الطلاق ، ونظمته تنظيما دقيقا ، مراعيا في ذلك استقرار الاسرة وسعادتها وحقوق ابناءها من جهة ، وحفظ كيان المجتمع البشري بأكمله من جهة أخرى.
ومن مقاصد تشريع الطلاق إلى كونه الحل المناسب لما استحكم من أسباب الاختلاف والتنافر بين الزوجين ،واستعصى على الحل والإصلاح ،مع دفع الزوجين الى معاودة حياة زوجية أخرى بروح جديدة وبأسلوب افضل ،لتحقيق مقاصد الزواج وغاياته ومنها السكينة والاستقرار النفسي لطرفي العلاقة الزوجية، الى جانب رفع المشقة عن أحد الزوجين إن امتنع الاخر من الوفاء بما عليه من التزامات وواجبات يقتضيها ميثاق الزوجية ،وحماية حقوق الأطفال وعدم تعيضهم للضياع.
المصدر :وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
إن جميع مكونات المجتمع من مؤسسات حكومية ومنظمات غير حكومية تسعى جاهدة في العمل على ترسيخ مبدأ المساواة بين المرأة والرجل،ومناهضة جميع اشكال العنف على الجنسين،بالاضافة الى سعيها الدائم والمتواصل في البحث عن حلول ناجعة تحول دون ارتفاع حالات الطلاق في المملكة ،كما تعمل على تسخير جميع الوسائل والامكانيات من أجل الحفاظ على تماسك الروابط الاسرية التي من شأنها المساهمة في بناء مجتمع سليم.
الاحترام المتبادل المودة والرحمة لبنة علاقة ناجحة
قديما قبل التطور الذي عرفه المجتمع ،كان الكنف الاسري منسجما ويعمر لعقود ،ومن بين أهم الركائز وراء نجاح العلاقة الزوجية احتراك الزوجين لبعضهما البعض وتقدير كل منهما لشريكه ، حيث إن الاحترام أحد اساسيات الزواج الصحي الناجح ،المودة والرحمة التفاهم والتواصل من بين الأسباب الرئيسية لاستمرار العلاقات ورضا وقناعات الزوجين ببعضهما البعض.
محاولة الأزواج حل مشاكلهم الزوجية فيما بينهما دون تدخل طرف اخر، كما يجب على المقبلين على الزواج التأهيل والتوعية بأهمية مؤسسة الزواج ،والابتعاد ما أمكن عن بعض العادات والتقاليد والعقليات التي من شأنها التأثير على كنف الاسرة، مراجعة النفس والتحلي بالصبر والاناة والمرونة لتقبل الطرف الاخر وتصحيح ما يمكن تصحيحه في العلاقة الزوجية سيمكن في الوقاية من التفكك الاسري والاجتماعي مع بناء جيل سليم خالي من العقد.