محمد أمزيان لغريب.
الاحد 18 فبراير 2024 – 20:05
اضطلعت النقابات عبر مر التاريخ بأدوار محورية هامة في الدفاع عن حقوق الشغيلة في مختلف المجالات وتوعيتها وتحسيسها بأدوارها وواجباتها وحقوقها، كما لعبت أدوارا طلائعية في إيجاد الحلول مع أرباب الشغل في مختلف القطاعات المهنية، ومن بينها وأهمها قطاع الصحة.
غير أنه وعندما يتعلق بأدوار النقابات بهذا القطاع بإقليم جرسيف والذي يعاني من الهشاشة وقلة وضعف الموارد والامكانيات البشرية والمادية، يمكن القول بأن أدوارها كانت سلبية بشكل لافت وذلك ليس وليد اللحظة أو الأمس فغالبا ما كانت الأزمات التي عرفها هذا القطاع نتيجة للصراعات الشخصية والنقابية والسياسية الضيقة للعاملين والمستخدمين فيه.
ولا يخفى على أحد حجم الأزمة التي عرفها المستشفى الإقليمي لجرسيف قبل أكثر من 6 سنوات حيث كان الصراع النقابي والسياسي على أشده، ما أدى إلى شل جل مرافق المستشفى خاصة قسمي المستعجلات والتوليد، وما عرفاه من صدامات ومشادات مع المرضى ومرافقيهم وصلت إلى حد الاستعمال العنف وتبادل الضرب والجرح وتدخل رجال الأمن، ناهيك عن الاحتجاجات التي كانت الساكنة تنظمها بشكل شبه يومي نتيجة ذلك.
نفس الوضع يبدوا أنه سيعود من جديد مع ظهور هذه الظاهرة من جديد حيث بدأت بوادر الاستقطاب بين النقابات في القطاع الصحي بالمستشفى الإقليمي لجرسيف، وبدأت في الأيام القليلة الماضية ملامح الصراع والتشاحن تظهر شيئا فشيئا، وبدأت كل نقابة تتحيز إلى أعضائها وتطالب بل تحاول الضغط على المسؤولين للانتصار لهم دون أخذ مصلحة المواطن والمرضى بعين الاعتبار.
وبالغوص قليلا في هذا الموضوع وبدون ذكر الانتماءات تواصلنا مع بعض العاملين الحاليين او السابقين بهذه المؤسسة الصحية سواء المنتمين أو غير المنتمين، من الأطر الصحية والشبه الصحية أو غيرهم من العاملين بهذا المستشفى، ليتبين لنا أن الملفات المطلبية لهذه النقابات لا تعدوا أن تكون مجرد غطاء للضغط على المسؤولين على القطاع من أجل الاستفادة من الامتيازات وقبول ممارساتهم غير المسؤولة كالتغاضي عن الغيابات غير المبررة و”السليت من الخدمة” والعمل بمنطق “الكانة والرشوق” وأخد الإجازات بدون وجه حق وغيرها من الممارسات الغير أخلاقية وغير المسؤولة.
وعودة إلى مدى الالتزام المهني والأخلاقي لبعض العاملين في هذا القطاع فإن العادي والبادي بإقليم ومدينة جرسيف يعلم علم اليقين الممارسات السلبية التي يقوم بها بعض الأطر الصحية خاصة في قسم الولادة وطب النساء وغيرها من تسلم للرشوة وتهاون في أداء الواجب المهني بل هناك من يؤكد أن بعض العاملين في هذا القسم يتعمدون إرسال النساء الحوامل إلى القطاع الخاص مقابل مبالغ مالية يتقاضونها منها (قدرها البعض ب 500 درهم عن كل حالة)، وهو ما يستوجب فتح تحقيق من طرف النيابة العامة المختصة لأنه إن صح فإنه بمثابة كارثة أخلاقية ومهنية، دون الحديث عن ممارسات بعض حراس الأمن التي يمكن وصفها أحيانا بالمهينة.
كل هذه الممارسات تتم أمام أعين المسؤولين في هذه النقابات وفي ظل صمتهم المطبق، بل إن بعضهم يعمل على حمايتها والدفاع عنها بشكل غير مباشر متناسيين أن الدور الأساسي للنقابات ليس فقط الدفاع عن المنتسبين إليها بل هو الدفاع على المصلحة العامة للمواطن ومصلحته خاصة وأن واجب مسؤوليها سواء باعتبارهم مسؤولين نقابيين أو عاملين في قطاع حساس وحيوي يغلب فيه الواجب الأخلاقي والإنساني على الواجب المهني كقطاع الصحة، هو الالتزام بالقسم الذي أدوه لتحمل هذه المسؤولية أمام الله والوطن، وليس الدفاع عن الممارسات اللا أخلاقية لبعض منتسبيها.
والحق يقال أنه ورغم كل هذه الأفعال المشينة لبعض العاملين والمستخدمين بهذا المستشفى فإن عددا هاما من الأطباء والممرضين والمساعدين به يشهد لهم بالكفاءة والمهنية العالية وحسن الأخلاق والالتزام بالواجبات المهنية والإنسانية سواء بقسم الولادة أو المستعجلات أو غيرها من الأقسام المختلفة بهذه المؤسسة الاستشفائية، بالرغم من ضعف الإمكانيات وصعوبة ظروف العمل أحيانا.
وخلاصة القول فإننا نوجه نداءنا إلى كافة العاملين والأطر والمسؤولين عن هذا القطاع بإقليم جرسيف حتى يضعوا مصلحة الوطن والمواطن نصب أعينهم وأن يتجاوزوا الخلافات الشخصية والنقابية الضيقة، ويتفادوا تضيع وإهذار الجهد والوقت فيها، في الوقت الذي يحتاج فيه قطاع الصحة تظافر كل الجهود للنهوض به وتحسين خدماته.