محسن الاكرمين
الخميس 09 ماي 2024 – 22:05
اليوم أعيش نوعا من التلف في التفكير ، وابحث عن مميزات مدينة العالية …. مودتي لكم أين ما كنتم، وأين ما حللتم جميعا بأرض الوطن
في وطني نصنع من خلافاتنا عقدا متتالية ولا نقدر على إبداع حلول سليمة، في مدينتي يمكن أن نبتكر عملة رائجة من فراغاتنا المميتة ونتعايش معها بالصحبة والاندماج ونصبح مثل مهرجي السرك نتزين بالتلوين. في مدينتي يمكن أن يحتفلوا بموتك بـتناول وجبة “بسطيلة” ومكبرات صوت المسمعين الجدد، وأنت في حياتك كنت لا تجد من يدعمك حتى نفسيا ضد الألم. في مدينتي يمكن أن يتقاسم حضور المأتم حديث نميمة مناقبك بالتفريط السلبي، ثم يختموه بالدعاء وقول: آمين ثلاثا. في مدينتي يمكن أن تغيب شمس صباح ليلة ونحن لازلنا نمارس دعاء انتظارية إصلاح التمكين. في مدينتي نصف قرن ويزيد و نحن نكرر مطالب العلنية حتى ما خفي منها، نمارس القيام و القعود بالتسويف، نمارس التشخيص خلف أي استحقاق انتخابي. في مدينتي قضينا خمسين سنة وتزيد بعقد زمن، لكنا من (56) “ما شفنا والوا…”.
في مدينتي لست محبا للاختصار يا سادتي الكرام، و لا سرقت لقمة خبز من فم جائع، ولا قمت بقتل نملة سيدنا سليمان بدون انتباه. في مدينتي رؤيتي تتحدد في أن السلمية والإصلاح المتواصل رمز التقدم نحو الأمام، تعرفني بها أشجار الزيتون وحمام بُرْج (الشراشر). في مدينتي يمكن أن نتسابق عند الخبر قبل وصوله على عجلاته المطاطية (المفشوشة). في مدينتي نتداول حوادث الانتحار والقتل واستعادة الجريمة تحت حضور مميز من العيون الآلية. في مدينتي يُفَرِّخُ الوسواس المرضي “الموضوعاتي” ولا نقدر على العلاج جراء انفصاد “سكانير” كرامة ساكنة، وحكامة تخطيط.
مدينة “كوبي كولي”.
في مدينتي لازالت ذات الموضوعات تتكرر، ونحن نتحدث تثمين التراث”بالملاسة” و ترك باب منصور (بالباش)، ولا نفقه البتة في التاريخ والبدايات. في مدينتي يصدر أنين انحباس حلم المستقبل في زاوية حادة على مدى الأجيال القادمة، مادام الجيل القديم أصبح من عينة “بريمي”. في مدينتي انحسار التفكير الجماعي بالتقوقع النفعي، كان زكاة خلافاتنا بالثمن لا بالعشر. في مدينتي حين تكتب بحب البهتان والتفاهة تلقى المعجبين يوزعون عليك”جيم ” بالعطاء الوفير وكلام مديح.
في مدينتي لا نستفيق نهارا، ويمكن أن نصنع الحدث ليلا، وتلوكه الألسن النتنة في اليوم الموالي. في مدينتي لا نبحث عن الحاضر والمستقبل بل نعيش مع مآسي وألم التاريخ بحروف الجر كلها. في مدينتي حياة الحرية يتيمة الكرامة، ولا نستفيق لها نهوضا، بل نلازم لغة ألسن الطواحين الهوائية الكبرى. في مدينتي يسقط حلم الحب وتبقى بشاعة الحقد الاجتماعي قائمة. في مدينتي لن تعيش الهذيان من شدة حرارة الجسم، بل يمكن أن تعيش الهذيان من سوء وضعيتها الاجتماعية والسياسية والمدنية.
في مدينتي يمكن أن تعيش مع زمن الأصنام التي لا تتكلم البتة، بل تدبر عش العنكبوت بالنسج الوضيع. في مدينتي نبتسم للجميع ونبكي خفية، و يمكن أن نختلس النظر من تحت النظارات السميكة دون قراءة المعودتين. في مدينتي يمكن أن تنزل ساحة الحرب الدروس بدون أسلحة فتاكة، ولكن بولاءات الزعامات القائمة من وراء الستار. في مدينتي أفضل هبة من الله أننا نتناسى يومنا وطعامنا عند غروب كل شمس ونخلد لنوم الفائزين. في مدينتي نعمة النسيان أضحت تبدع لنا إستراتيجية التخلي عن أفق الحاضر و حلم المستقبل.
مدينة تتحرك بعلامات”قف”.
منذ أن ذكرت صفات ” مدينتي” و أنا لن، ولم أعرف ما هي؟ لأنها يمكن أن تكون لغير العاقل، أو من هي؟ لتكون للعاقلين والعيش المشترك بالتوافق. لم أتعرف لا على مكوناتها الإنمائية ضمن حوض الجهة والوطن، ولا عن قوتها الوظيفية بالتثمين والتسويق. والله لحد الآن، شعرت أن تفكيري قد أصابه العوز والخرف بالسبق ولا يدري عن أي مدينة يتحدث؟ أعينوني، أفيدوني من فضلكم عن أي مدينة كتبت؟ يا سادتي الكرام مسقط رأس مدينتي الماء “لحلو”. هل واحد من بينكم يا سادتي الكرام يعرف أين يقع منبع وادي الماء “لحلو” ؟ هل واحد من بينكم يا سادتي الكرام أدمن على هواء وتربة وماء وشمس مدينتي؟ لؤلؤة هي مدينتي وليست ككل المدن، فمن هي؟.