آخر الأحداث

مدونة الأسرة أو الأسرة الأسيرة في المدونة

هيئة التحرير13 يناير 20257 مشاهدة
مدونة الأسرة أو الأسرة الأسيرة في المدونة

بلقاسم امنزو

الاثنين 13 يناير 2025 – 18:23

واقع الحال يقول بكل بوضوح أن الأسرة أصبحت محاصرة من كل الجوانب بالتفاهة التي غزت بغزارة شبكات التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي، إضافة إلى مصائب بعض قنوات التفاهة ونوافذها التي تستضيف رموز التفاهة لتقديمها للأطفال كنموذج يحتذى به.
والأدهى من هذا، أن شتى وسائط التواصل الاجتماعي بمختلف تجلياتها أصبحت منفذا لتفريغ مجال الرغبات و”الحريات”، والمقموع والمكبوت عند أغلب و مختلف الفئات العمرية صغارا وكبارا، ذكورا وإناثا.

في ظل هذا القصف المتواصل والمدمر، نجد قطاع التربية الذي كان يؤدي دورا محوريا في تربية الأبناء وبناء الأجيال، يسير في المنحدر، مع تقزيم دور المربي وحصره في وظيفة إدارية بدون أي روح تربوية وبيداغوجية.

وفي ظل هذا الوضع الكارثي نجد أيضا معظم إن لم نقل جلّ الفاعلين السياسين، و عددا كبيرا من الفاعلين الجمعوين (ذكورا وإناثا) يعطون للجيل الناشئ أسوأ الأمثلة، وهم يتشبثون بالكراسي والريع، حتى يؤتى ببعضهم للمحاكم فوق كراس متحركة بسبب تهم متعلقة بالريع وأكل أموال اليتامى.

مجتمع يتخبط في شتى ألوان الانحدار،
صور متعددة لملامح مجتمعية مشوهة تنعكس سلبا على المجتمع ككل، وتنخر بشكل أو بآخر الأسرة كجزء من هذا الكل وهي أساس الكل؛

فهؤلاء حبيسو الواقع الافتراضي، إما فرارا من إكراهات الواقع وقساوته، وإما استلابا ووقوعا في شرك الشبكة العنكبوتية، وهؤلاء يتوجسون من نسب الطلاق المهولة، وتلك فئة عريضة أصابها رهاب الزواج لأسباب معقدة متشابكة، وذلك ثنائي يلبس الزواج عباءة المؤسسة الاقتصادية، بدون روح، وتلك امرأة تفضل ترك الطفل بين أيدي امرأة أخرى، تسميها مساعدة منزلية أو مربية، وهذه بدورها تكون مضطرة هي الأخرى لترك أبنائها في البيت في ظروف قاسية، مع العلم أن القاسم المشترك بين الاثنتين هو العمل للحصول على المال، الفارق أن الأولى تذهب إلى العمل في شركة أو إدارة أو مؤسسة، والثانية تشتغل في البيوت.

وفي كل هذه الأحوال يكون الطفل هو الضحية؛ لأن ما يسمى بالمربية لا يمكن أن يرقى إلى مرتبة الأم في الحالة الأولى، أما في الحالة الثانية فتلك مصيبة أخرى.

من يربي أبناء المربية؟ ومن هي المساعدة المنزلية للمرأة التي تشتغل مساعدة منزلية عند سيدة أخرى؟
محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة تقودنا مباشرة إلى تساؤلات أخرى تحيلنا بدورها إلى مفهوم الدولة الاجتماعية، ودورها في هذا الإطار.
ولذلك مهما كانت صرامة القوانين والتشريعات، فإنها لايمكن أن تبني أسرة سليمة وسوية دونما تقوية أسس الدولة الاجتماعية، وقيم الأخلاق والتضامن، والتسامح، والعدالة والتنمية.