آخر الأحداث

الإستغلال السياسي لقضية حماية الموارد المائية .. تهديد للأمن الإجتماعي ومحاولة عرقلة الإستراتيجية الوطنية لحماية الأمن المائي للمغاربة.

صدى المغرب15 فبراير 2025166 مشاهدة
الإستغلال السياسي لقضية حماية الموارد المائية .. تهديد للأمن الإجتماعي ومحاولة عرقلة الإستراتيجية الوطنية لحماية الأمن المائي للمغاربة.

تاونات – يونس لكحل

السبت 15 فبراير 2025 – 16:56

في الوقت الذي تعاني فيه العديد من المناطق من أزمة مائية حادة، تعيش دائرة قرية با محمد بإقليم تاونات على وقع احتجاجات مزارعين ينتمون إلى هذه المنطقة، والذين نظموا مسيرات نحو ولاية الجهة رفضا لقرار منع زراعة محاصيل مثل ” الدلاح ” (البطيخ الأحمر ) ،هذا الذي يتطلب كميات ضخمة من المياه.

فالإحتجاجات أثارت العديد من التساؤلات حول التوقيت والدوافع الحقيقية وراء تحريكها بدون نقاش ولا حوار أو بحث عن بدائل.

كثير من المناطق بالبلاد تعاني من ندرة في الموارد المائية نتيجة لتأثيرات الجفاف المستمر ، بالإضافة إلى تزايد الاستهلاك المفرط للمياه من قبل مختلف القطاعات، خاصة في المجال الفلاحي.

دائرة قرية با محمد ليست استثناءً، حيث تواجه المنطقة أزمة مائية حقيقية بعدما أصبحت الفرشة المائية في العديد من المحاور تتعرض للإستنزاف بسبب ممارسات السقي غير المستدامة ، بحيث يُعد محصول ” الدلاح ” من أكثر المحاصيل التي تستهلك كميات ضخمة من المياه في فترات قصيرة ، ما يجعل قرار منع زراعته قرارًا استراتيجيًا للحفاظ على الموارد المائية في المنطقة.
فقرار المنع خطوة نحو ترشيد إستهلاك المياه وحماية الفرشة المائية الجوفية والسطحية من الإستنزاف، خاصة أن هناك العديد من الجماعات الترابية بتراب الدائرة تواجه صعوبة في تأمين مياه الشرب لسكانها بحيث سبق وخرج مواطنون من مناطق مختلفة يطالبون بالتدخل لتوفير المياه لهم .

وما يقع الآن بدائرة قرية با محمد،لن يقتصر عليها وحدها فسنشاهده في مناطق وأقاليم أخرى في قادم الأيام والشهور دخول أطراف سياسية تعمل على استغلال قضية المياه لخلق حالة من التوتر في جل المناطق،من خلال تحريك الإحتجاجات ضد قرارات الدولة بدون نقاش ولا حوار ولا شيء!! ، فقط الدفع ثم الدفع نحو الإحتجاجات والمسيرات بسرعة فائقة !ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحركات تمثل مطالب حقيقية ومعقولة للمزارعين أم مجرد محاولة لإثارة الفوضى بهدف الضغط السياسي ممن يوجهون ويحرضون … ، لكسب بعض النقاط في بعض المناطق لإستثمارها سياسيا إنتخابويا في الإستحقاقات القادمة وهنا تكمن الخطورة ، بتحول هذا الدفع كشكل من اشكال ( الإبتزاز السياسي للدولة ) ، ومن الممكن ان تكون هذه هي ( الرسالة ) التي يراد إيصالها من خلال توجيه الإحتجاجات نحو مدينة فاس وبالضبط أمام ولاية الجهة …! في حالة دائرة قرية با محمد .

وبينما تسعى الدولة إلى حماية الأمن المائي وتنظيم وترشيد استهلاك المياه ضمن إستراتيجية وطنية أعطى إنطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده،نجد أن هناك محاولات إنطلقت وربما لن تقف هناك،لإستغلال هذا الملف للمزايدة السياسية من البعض،وهو ما يعكس غياب الوعي الوطني بالمخاطر التي قد تترتب على استنزاف الموارد المائية.

ان تحويل قضية حماية المصادر المائية إلى قضية تستغل سياسيا قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات ، ويخلق شعورًا لدى المواطنين بأن مؤسسات الدولة تعمل ضد مصالحهم لخلق الصدام عبر تزييف الحقائق لهؤلاء المزارعين البسطاء،وهو مخطط مدروس ومحبوك ( مفهوم ومعروف ) يبتغي تكريس فقدان الثقة للناس في دولة المؤسسات والقانون ، ومن هذا المنطلق والأرضية يقتات هؤلاء الساسة شعبيتهم المزيفة.

على هؤلاء ان يعوا بأن الأمن المائي هو أولوية استراتيجية وطنية تتطلب العمل الجماعي والتنسيق بمسؤولية ووطنية عالية بين جميع القطاعات لضمان استدامة الموارد المائية والحفاظ عليها من الإستنزاف، وبالطبع البحث عن البدائل والحلول الواقعية للقضايا الفلاحية الراهنة .

(الصورة من الأرشيف لإحتجاجات سابقة لسكان دواوير بسبب ندرة المياه أمام مقر الجماعة الترابية قرية با محمد بإقليم تاونات )