ذ.عبد الصمد ادنيدن
الخميس 27 فبراير 2025 – 14:55
لا أفهم هذا الجدل حول “التضامن مع الكسابة” بعد الإهابة الملكية بعدم القيام بشعيرة الأضحية هذا العام. هل أصبح عيد الأضحى موسما تجاريا يحتاج إلى دعم خاص، أم أنه مناسبة دينية أسمى من حسابات الربح والخسارة؟ وإذا كان التضامن واجبا، فلماذا لا نطالب أيضا بمساندة تجار الفحم، والتبن، والبرقوق، والمشمش، وحتى شحاذي السكاكين وغيرهم؟!
الواقع أن الفلاح الحقيقي لديه أنشطة متعددة، والكسيبة ليست مصدره الوحيد للدخل، كما أن بيع الماشية لا يقتصر على عيد الأضحى فقط. لكن من يرى في هذه المناسبة فرصة لمضاعفة أرباحه بلا منطق، عليه أن يواجه قانون السوق: عرض بلا طلب = أسعار معقولة أو خسائر لمن صنعوا الأزمة بغلائهم غير المبرر.
إذا تم تسويق الأكباش للجزارين بأسعار تضمن أرباحا معقولة لكل الأطراف (الكساب، الجزار، الزبون)، فالجميع سيستفيد ولن يتضرر أحد. لكن يبدو أن البعض لا يرضى إلا بأرباح فاحشة، حتى لو كان الثمن هو سحق القدرة الشرائية للمواطن والقضاء على القطيع الوطني!
والمفارقة الكبرى أن الكسابة استفادوا في السنوات الماضية من دعم الدولة، لكن ذلك لم ينعكس على المواطن إطلاقا! حصلوا على الدعم ثم باعوا الخرفان بأثمان خيالية، وكأنهم لم يتلقوا أي مساعدة، دون أي اعتبار للقدرة الشرائية للمواطن. فكيف يطلب منا اليوم أن نتضامن معهم، بينما هم أنفسهم لم يظهروا أي تضامن معنا في عز الأزمات؟!
فهل المطلوب أن نضحي بالقطيع ونرفع الأسعار إلى مستويات خيالية فقط ليكون “الكساب” سعيدا؟ أم أن التجارة العادلة تفرض توازنا يراعي حقوق الجميع؟ الحقيقة أن الحل واضح: إما تجارة متوازنة تفيد الجميع، أو احتكار وجشع يؤديان إلى كارثة تضرب حتى المستفيدين منها على المدى البعيد.
السؤال ليس: كيف ننقذ من راكموا الأرباح على حسابنا؟ بل: كيف نستعيد التوازن ونوقف مسلسل الغلاء الذي جعل الأضحية عبئا بدل أن تكون شعيرة؟