صدى المغرب – زاكورة
الاثنين 28 يوليوز 2025 -11:28
في إطار فعاليات الدورة الرابعة من ملتقى الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي احتضنته جماعة آيت ولال بإقليم زاكورة (من 25 إلى 27 يوليوز 2025)، شكل معرض سلالة الدمّان إحدى المحطات البارزة للملتقى، مكرسا مكانة هذه السلالة الواحية كتراث فلاحي أصيل، وكمورد اقتصادي واعد لسكان الجنوب الشرقي المغربي.
وجاء تنظيم المعرض بشراكة بين جمعية زاكورة للمهاجر ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تحت شعار:“تثمين سلالة الدمان.. مدخل للتنمية المستدامة”، ليؤكد على أهمية الحفاظ على الموروث المحلي، ورفع الوعي لدى المربين حول القيمة الإنتاجية والاقتصادية لهذه السلالة.
وقد تميز المعرض بعروض حية لقطعان منتقاة، وورشات ميدانية، وندوات تأطيرية تطرقت لموضوع تحسين النسل وتقنيات التربية والتغذية، إلى جانب تبادل التجارب بين مربي سلالة الدمان ومهنيي القطاع الفلاحي.
سلالة الدمان.. خصوبة استثنائية وتكيّف مع المناخ الصحراوي
تُعد سلالة “الدمان” من أبرز سلالات الأغنام المغربية، وتنتشر أساسا في مناطق الراشيدية، تنغير، زاكورة، ورزازات وطاطا، وتتميّز بقدرتها الفائقة على التكيف مع البيئات الجافة وشبه الصحراوية.
ويعود أصل السلالة إلى الجنوب الشرقي للمملكة، وقد عُرفت تاريخيا بخصوبتها العالية، حيث تتراوح نسبة الخصوبة بين 80% و100%، وتُسجل معدلا يتراوح بين 1.6 إلى 2.3 حمل في السنة، مع إمكانية إنجاب توائم تصل إلى أربعة في بعض الحالات.
ومن حيث المظهر، تمتاز سلالة الدمان بقامتها المتوسطة، ورأسها الضيق، وأذنيها الطويلتين المدلتين، وغالبا ما تكون خالية من القرون.
وتتنوع ألوان “الدمّان” بين الأبيض والبني والأسود، أو خليط بينها. كما أن صوفها ضعيف الكثافة، ويغطي الظهر فقط، مما يجعلها إنتاجها السنوي من حيث الصوف، يتراوح بين 0.5 إلى 1.5 كلغ.
معطيات رقمية حول سلالة الدمان بالمغرب
حسب معطيات رسمية، يُقدر عدد رؤوس سلالة الدمان في المغرب بحوالي 610 ألف رأس، أي ما يمثل حوالي 4% من القطيع الوطني للأغنام، فيما تشير مصادر أخرى إلى نحو 300 ألف نعجة من هذه السلالة حاليا.
ويُسجل أن هناك أزيد من 19 ألف نعجة منتقاة ضمن برامج تحسين النسل، يشرف على تربيتها حوالي 975 مربيا محسنا، خاصة في واحات تافيلالت وفكيك ودرعة.
أما من حيث مؤشرات النمو، فإن خرفان سلالة الدمان تزن عند الولادة ما بين 1.7 و2.9 كلغ، فيما يتراوح وزنها في عمر 70 يوما بين 11 و15 كلغ، حسب الرعاية والتغذية. وتصل النعاج البالغة إلى وزن يتراوح بين 30 و45 كلغ، بينما قد يزن الكبش البالغ ما بين 50 و70 كلغ.
تثمين السلالة كرافعة للتنمية المحلية
يشكل تثمين سلالة الدمان مدخلا مهما لتحقيق التنمية المستدامة بالمناطق القاحلة، حيث تعد هذه السلالة مصدر دخل حيوي للعديد من الأسر، بفضل تكرار الولادات، وانخفاض تكلفة العلف مقارنة بالسلالات الأخرى.
ويهدف معرض سلالة الدمان بجماعية آيت ولال بإقليم زاكورة، إلى تعزيز الربط بين الجالية المغربية المقيمة بالخارج وموروثها الفلاحي المحلي، وتشجيع الاستثمار في المجال الفلاحي، مع دعم مسارات تحسين النسل، التسويق، والتثمين المحلي للمنتجات الحيوانية.
كما يسهم المعرض في نقل المعرفة الفلاحية للأجيال الجديدة، وتبادل التجارب بين المربين، ما يعزز من قدرات الفاعلين المحليين على مواجهة التغيرات المناخية وتحديات الأمن الغذائي.
وهكذا يأتي معرض سلالة الدمان ضمن ملتقى المهاجر كرسالة واضحة مفادها أن الفلاحة ليست مجرد قطاع إنتاج، بل هي حافظة للهوية، ومجال للابتكار، وأداة لتحقيق تنمية عادلة تشمل الإنسان والمجال. وتبقى سلالة الدمان مثالا حيا على قدرة التراث الفلاحي المغربي على التجدد، متى ما حظي بالدعم والرؤية والاستثمار في العنصر البشري.