محسن الاكرمين
الجمعة 15 شتنبر 2023 – 16:51
ليلة الزلزال لم تكتمل عندي القضية الكاملة لإبراء النفس من الذنب الدنيوي الذي قد يكون تكرر وتراكم طيلة مسيرتي العمرية، لم أعد أذكر ليلتها حتى حسناتي التي قطفتها بجهد ضبط القيم واستيفاء الأخلاق، ولما لا المداومة على لعنة الشيطان يسارا. ليلة الزلزال وقفت حين تحركت الأرض بالارتداد، وتأكدت لزوما أن “المتعة إله زائف” وقد امتلكنا عند غواية إبليس اللعين لآدم وحواء.
كانت بحق ليلة الزلزال، ليلة موت بامتياز القريب الذي يتحرك معنا على الدوام ذهابا وإيابا، قعودا وقياما. موت لا يخاصمنا ولا يعادينا، بل ينتظر خط النهاية ليعلن أنه الفائز الأول والوحيد، وما نحن إلا أرانب سباق في متاهات هذه الحياة الفانية. من شدة هلع وخوف الموت الجماعي تحت ركام الأبنية، بعد حمد الله وبناء الشهادة، استعدت ذكرياتي عند نهاية الرجة الأخيرة، وهرولة الأهالي للشارع العام متسارعين من شدة الصدمة الأولى التي كانت بحق قوية. استعدت الذكريات الممكنة وبتفصيل (الفيدباك) الاسترجاعي، لكن من حسن الذكريات التي تأتي عندي طواعية وقد لا تؤدي وقد تؤدي حد البكاء، توقف عند سنوات المشقة والمأساة والمعاناة، وعندها تحررت من أوامر الأنا (العليا) المتكبرة والتي تكبلني عن المكاشفة، ومن ممارسة سياسة (البيريسترويكا) الروسية لأجل إعادة الهيكلة الداخلية والتوظيف الأمثل ما بعد الزلزلا. اعترافا ضمنيا وهو من المفاجأة الصارخة، أنني وجدت لهوا وفرحا آتيا من سنوات المشقة والمأساة والمعاناة، وجدت ذاك الألم الماضي في المشقة يتحول إلى فرص متنوعة تحمل أزاهير الصباح ما بعد ليلة الزلزال، وتلغي التهديدات المتكاتفة. هنا تذكرت أن أجمل سنوات الذكريات كانت في عيش لحظات من مغامرات المشقة والفشل ونيل سبل النجاح، وقلت: لذا الكثيرون منا يطلقون على جيل المشقة (الجيل الذهبي) ولي فيه نقاش مخالف.
قيم المتعة وقيم النجاح من أجل الحياة، تبقى في تجانس وحرب سرية مستديمة، وما مداومة البحث في نيل صواب الايجابية من القيم الجيدة المؤسسة على الواقع والمحفزات الذاتية البناءة على المستوى الاجتماعي، إلا نوع من معادلة التصويب الأمثل للحياة. هنا توقفت عند (تيمة) الصدق والتجديد، واحترام الذات، وحب المعرفة، والإحسان، والتواضع، و الإبداع، والثقافة الكونية. لحظها تماسكت وقوفا بعد سلسلة من لوحات (الدوخة) الطبيعية الزلزالية، وكنت قد وضعت في سلة معلوماتي العقلية تراتبية وضع القيم الأفضل موضع أولويات المتعة الفاشلة.