محسن الاكرمين
الاثنين 01 يناير 2023 – 20:44
خَرجتُ صُبحا باكرا لأتفحص مكناس بعد احتفالات جُزء من مدينة بليلة ميلاد سنة (2024). ابتسمت، حين وجدت بالقرب من كلية الآداب شرطة المرور منتظمة لمراقبة السرعة، فمن حسن طالعي أني كنت أقود متمهلا وبلا إضافات في ميزان السرعة، مع تَلقِي إخباريات من أضواء السيارات المعاكسة بوجود كمين (الرادار) يتربص بالجميع إن أنت تجاوزت مقدار(60). كان خلف جهاز (الرادار) شرطي يراقب سرعة السيارات الآتية، والآخر يدون محضرا لمخالف (كَاعِي). ركزتُ نظراتي المتمهلة في المخالف المسكين، فوجدت في عينيه سخطا لبداية سنة (2024) بذعيرة (400 درهم). رأيته من خلال حركاته وكلامه المسموع، يحمل حنقا من سوء طالعه من أول يوم من السنة !! وبوليميك في داخله يُجادل (آشْ دَاني نَدُوزْ مِنْ هاَذْ اطْرِيقْ المَنْحُوسَة !!) فيما كانت لوحة سيارته تحمل ترقيما (بَرَانِيأ) عن الجهة. حين تجاوزت (الرادار) المُشاغب بالمخالفات، قلت في نفسي (مَا عليك يا صاحبي إلا الصبر، وإخراج كفارة بداية دخول سنة 2024) عدا نقديا!!
حظه التعس الذي قاده صُبحا نحو (الرادار) المتحرك في (الفيراج) الغائر عن الرؤية المتفحصة. حظه الأول في السنة الجديدة قد لاح بيانا من سنة الذعائر التي ستلحقه في تنقلاته!! تركت قانون السير وأنا أمضي، وتوجهت نحو حي الزيتون، فلازال شارع فريد الأنصاري في إصلاح مُرتبك ومُربك للمرور، إصلاح غير مؤطر بالأولويات (المقاطع)، بل باتت تلك اللعبة (المدار الجديد) القريب من الثانوية التأهيلية الزيتون، يشكل مختنقا لسلاسة المرور، حتى أن علامات تأطير المرور مختفية، وعلامة (شكرا على تفهمكم) غير منصوبة للعيان !! و فيه تزيد الأضواء الثلاثية التي سَيُتخلى عنها المدار في نهاية إتمامه من سوء تدبير أولويات المرور. الأهم أن يتم تسريع الاشتغال وبالجودة التامة، والمراقبة التبعية وعدم (تقشير أجزاء) وترك أخرى، و(تَكْلِيسْ) الجميع!!
في حي الزيتون (الشعبي) بات القوم نياما، وقد كانوا في سهرة من ليلتهم !! الشوارع الرئيسية خالية من المَّارة، والخُمولُ يُخيم على الحي الأميري، وكأن الزيتون بات في عرس من لياليه الماضية !! كل المقاهي المتعددة بلا إحصاء، تَفتح أبوابها وهي فارغة على عروشها من الزبائن الأوفياء !!
باتجاه طريق مقبرة سيدي عياد السوسي، وقفت على رجل في متوسط العمر يدفع (كَرُوسَة) مملوءة بقنينات الخمر الفارغة، والتي تم تجميعها من عمليات (الميخالة)، إنه كنز ثمين عند الرجل الذي لم يحتفل البتة بليلة (البوناني)، وإنما رِزقُه في اليوم الأول من سنة (2024) غنيمة من قنينات تُباع بمورد معيشي، ويُعاد تدويرها مرات عديدة، لتحمل رمز (سيدي إبراهيم ) !! ومن النكت القصيرة التي استحضرتها في هذا الصباح، يقولون والعهدة على الحاكي: أن (سيدي إبراهيم ) كان هو الأخ الأوسط لسيدي علي، وكذلك لسيدي حرازم، وكلاهما عرفا بالورع وقد دَوَنهمْ التاريخ بقبتهما الخضراء، لكن (سيدي إبراهيم) خرج (سكايري اصْحِيحْ/ الله يعفو عليه امْسَكِينْ !!)، فتم نفيه بُعدا إلى دائرة أحواز مكناس الفلاحية، حيث بات مشهورا بإنتاج القنينة الخضراء (سيدي إبراهيم)، ويَتلقى دعوات على الجودة كل ليلية !! وهي لا تحصى ولا تُقدر من المريدين (المَبْلِيِّينْ والسَكَايْرِيَة) !!
المهم أن ميزانية تجارة الخمر والدخان هي مورد مهم من المداخيل المحتسبة بميزانية الدولة!! أما في منافذ المدينة العتيقة، فلا محل تجاري يَفتح أبوابه غير (مول الشَّفَنْجْ) قرب باب عيسي، وهو الوحيد الذي يُنشط حركة المرور بهذه المنطقة، ولن تجد من رُواده غير من اشتعل رأسهم شيبا، واتكلوا على الله لبداية موسم الكد والجد، والبحث عن الكرامة في سبيل ضمان لقمة العيش الكريم، والتنويه بأدوار الدولة الاجتماعية !! أما عَقَبةُ (دار السمن) باتجاه (رَوَامْزِينْ) فلا سيارات بها غير الطاكسيات، مما يوحي بأن المدينة في صُبح النوم راقدة بعد ليلة من النشاط، إلا من استثناءات كثيرة والحمد لله.
حمرية المدينة الجديدة الكونوليانية وبالقرب من الحانات، رأيت أن الخمارات تغتسل تطهيرا من ليلة بَهِجة نَشِطة واحتفاء بمولد المسيح عليه السلام !! كانت الحانات، تنظم أثاثها الداخلي ترتيبا وتحضيرا لمساء تثبيت بقايا النشاط، وكأن سنة 2024 (دَاخْلَة سَكْرَانَة !!) !! حقيقة كانت الجولة قد امتدت ووصلت لأجزاء من حي برج مولاي عُمَرْ وغيره من الأحياء الشعبية، وقد تكون جولتنا الصبحية قد أفرطت في الوصف وهو الحقيقة، ولكن، لزاما من ذكر الشكر الموصول، فليلة السنة الجديدة (2024) قد سهر عليها رجال أمن أوفياء للضبط وتدبير المستجدات غير المحسوبة بالتقدير، وصناعة الأمن المدني والمديني. نعم، نرفع التحية لرجالات الأمن والقوات العمومية كيفما كانت تلاوينهم ورتبهم الوظيفية، فهم بحق حماة السلم والضبط بالمدينة، حيث لم يتم تسجيل أية حوادث ذات طابع تفردي بالمدينة.