صدى المغرب-محسن الأكرمين
الجمعة23فبراير2024-11:48
وكأن مكناس تتحدث عن فعل التنمية خصيصا عند فترات انعقاد الدورات العادية أو الاستثنائية لمجلس المدينة، وبعدها ينتهي الانتقاد والبوليميك السياسي الفضفاض، وينقاد الجميع على القبول بالأمر الواقع (الضرب واسكات من بعيد). مرات عديدة، تبيت عندي السياسة تُوازي النفاق الاجتماعي، ودغدغة مشاعر الساكنة بحلم المطالب المعيارية المستقبلية، والتي لن تتحقق بتاتا اليوم أو بعد غد، مادام الفشل بات لصيقا بالتجارب التي مرت بمكناس في تدبير مجلسها المحلي.
ومن سوء التناسق والتناغم غياب الاندماج السياسي أو حتى التأقلم مع أولويات البرنامج السياسي بالمدينة، في ظل غياب القدرة على القيام بالمهام بالشكل المطلوب، وتوفير الحكامة التامة لتدبير سياسة المدينة. فنصف المرحلة الحالية من الفعل التنموي بالأولويات والقرب تمرُّ خاوية الوفاض، وهي الحقيقة التي لم تستطع المدينة مساءلة الفاعلين السياسيين بمجلس الجماعة عن سبب فشل المدينة في التوافق عن تجسير التنمية الذكية.
حقيقة أن الفعل السياسي بالمدينة ابتلي (بالهضاضرية) الكبار، والذين يمارسون اللغو فقط في الاجتماعات الرسمية والدورات، ثم ينقادون تباعا بالتصويت والموافقة !! ابتلي الحقل السياسي بالمدينة بحكماء (الغرزة) بالأقدمية التمثيلية، والمفهومية في استباحة القانون بالطرق القانونية. هي عقول تدبر المدينة منذ الزمن القديم، ولم تستطع تحقيق ولو نقلة نوعية لمشاريع المدينة الكبرى الغائبة منذ (مكناس الكبير)!!
مجلس جماعة مكناس يعيش (الشتات) والفتنة السياسية، يعيش سياسة الكراكيز التي تُدار من خلف الستار، يعيش تكسير العظام بين الفرقاء السياسيين، ومن هنا يأتينا فيض ضعف التدبير وغياب القابلية لإنجاح مشاريع مكناس الكبرى. ففي الفقه السياسي يمكن أن نقول: ” أن حكامة ونجاعة الاندماج السياسي يضيع على المدينة فرصا من النجاح متعددة”.
حين سألت أحد سياسيي المدينة (بالغائية)، والذي نال قسطا من الحمية عن السياسة، عن ضعف التدبير السياسي للمدينة قال:” أن المدينة تعرف حربا باردة بين السياسيين، أن المدينة تنتج الخطابة السياسية لا الفعل الإجرائي الإنمائي، أن المدينة لا تحسن الاختيار الأمثل للسياسين، أن المدينة تُدبر وفق آلية (التحنقيز) السياسي، أن الساكنة ترى أن مدبري الشأن العام في الجماعات الترابية لا يسعون سوى إلى مصالحهم، أن المدينة تعيش الفوضى الخلاقة في بقاء بعض السياسيين على قيد الحياة…” حين انتهى من حديثه المطول قلت له (الله يطول لنا في عمرهم، ونرى ملفات المساءلة والمحاسبة تفتح بالمدينة !!).
فالوضع السياسي والتنموي المتردي بالمدينة ليس وليد هذا المجلس بحد ذاته، بل هو تراكم لعدة سنوات سبقت، وهذا المجلس بالضبط يزيد من تكريس هذا الوضع المنافي للأخلاق السياسية والجدية والصرامة. فهاجس التحكم وفرمة الأصوات الداعية إلى الشفافية والحكامة تحضر بمجلس جماعة مكناس (من قبل نفس الفرقاء)، ويمكن القتل الرحيم لأي سياسي جديد يريد الخروج عن سرب التنميط السياسي، وإضاءة المدينة.
بحق الله، التناحر والتناقض لن يخدم المدينة البتة، بل ستزيد من توغل البيروقراطية القديمة بمجلس مكناس لصناعة هالة شمس على مقاس قدرتها في تدوير الدورات بلا خسائر مميتة، وفي النهاية مكناس هي الخاسرة الأولى. كثيرا منّا ملَّ من هذا الخطاب الذي ينتقد بليونة ويُوجه، ويستند على مقولة: (مادامت حليمة باقية على عادتها القديمة، وزهيرة (الزهر/ الحظ) رحلت عن مدينة مكناس بالفقصة !!). اليوم المدينة في حاجة إلى الاستعاضة عن البراديغما السياسية الفقيرة، ببراديغما اقتصادية واجتماعية وتنموية، وهذا ما بدا التفكير به من طرف الدولة العليا في تحريك آليات ترتيب هندسة الدولة الاجتماعية، والاستعاضة عن مجالس الفشل السياسي.