محسن الاكرمين
السبت 04 ماي 2024 – 21:32
اليوم قسط فصل من فلسفة قديمة … والتي لم تقدر على خلق الفارق والتمايز بين النور والظلام… آمل رأيي المتواضع أن ينال تتبعكم ….تحياتي
طوال تلك السنوات التي مضت لم أعرف إلا خلطة ملونات الظلام. ظلام احتل مساحة ثلاثة أرباع من حياتي بتمامها، وما تبقى فيها يحمل ندوبا آتية من حياة الظلمة. حين أتحدث عن الظلام فلا أجعل تعريفه مقابل النور، بل أحدده بانكسار الذات والروح.
لقد رأيت ما رأيت من متاعب حياة، وعلمت ما علمت من تجارب مريرة، كانت مرات عديدة بالظلمة السالبة للقدرات والحياة. لكن حين عُدت من معركة الظلام، كانت عاصفة النَّوِّ البحري لازال يتقوى في بؤرته التحتية. فيما الحيتان الكبيرة فقد لزمت الصمت، والانزواء في ظلمة قعر البحر واتخاذه موطنا آمنا. حين عدت من حرب الظلام، لم يكن حزني على موت حياة النور، ولم يكن غضبي من انهزام الذات، ولا من نور المعركة النهائية، لكن اشتد غضبي حين تقاسمنا جميعا الفرحة في الظلام، حين أصبح الظلام يخطط لأيام النور، وقد نخسر المعركة لكن الحرب لم تنته.
لا يمكن أخد قلبي والسطو عليه بالكره وتظليل الظلام. لا يمكن أن يُمْسِي قلبي ليله ضمن أقساط ربوية بين حياة النور والخوف من فزع الظلام. فالطبيعة البشرية جعلت من قلب الظلام سلاحا يُشعل حربا كانت جاهلية تماثل (داحس والغبراء)، والتتمة قد تكون بحكاية حرب البسوس. لكن في منام الليل، كان حلمي أنني سأعطي للعالم الذي يشابه الظلام الأسود لأجنحة غراب ملعون، بسمة تحمل أمل نور دفء شمس، لم تنل خرقة بيضاء عند ولادتها الثانية.
صدمت من تهكم التعريفات وفلسفتها للنور والظلام. ذاك كان حين أردت البحت عن تعريف للنور، وقفت نصف قوس منخفض احتراما للظلام. وتيقنت بالمعرفة، من أن التعريف قد يوسع مساحة زاوية الظلام، ويمسك بالنور تقليصا لدرجاته المنغلقة. لم أتحد سلطة التعريف حين وجدت أن النور هو مرحلة زمن ضيق تمر بين ظلمة وأخرى آتية. لم أستوعب الأمر بضرورة المعرفة والتحليل واستبداد الظلام حتى في التعريف بالنور، ولكن اعترفت للظلام بسطوته التامة على حياتنا، وجدت رزمة من مسوغات للنور، حين انزوى النور منهكا، وتعب من آهات الليل و أغمض عيونه كرها مثل أصحاب الكهف.
فزاعة الظلام ممكن أن تسطو علي وعليك بالخوف والارتباك. يُمكن أن تأتي بالجمع والإفراد من أن النور هو الحياة. يمكن أن يكون النور بصيغة المذكر والمؤنث، لكن الحقيقة التي لا نقدر عليها، هي إحداث ثورة على ملونات الظلام، والعيش في النور بالاستدامة. فيما كان إشعال نور العلم بصيص أمل، يمكن أن يلف الحواجز بالاختصار المكاني والزماني . لكنه وبالرغم، لا يقدر على خلق انفجار بركان نار النور الدائم.
تبددت رؤيتي للظلام بحجم مساحة حياة المنهوكة من الظلمة، تسرب كل ما تعلمته عن قيام علاقة قِبْلة الغسق بين الظلام والنور. لكني، وقفت على حسنات الظلام، حين تعلمت التفكير في الزمن الليلي. حين، تعلمت أن العقل قد يكون في حد اشتغاله الأقصى من التفكير في الظلام. حين، تيقنت بالتمام أن رؤية الظلام تخطيط لحياة النور، وتوصي الفلسفة البدائية خيرا به.
رزمة من الوصايا الآتية من النور كانت تؤنسني في عتمة الظلام بالتفكير والتداول المنطقي. كل متناقضات وضعتي ما انفكت تترك لي مساحة خلخلة تفكير بالتجديد والتنوير، حين كنت أفتح عيوني وأنا في الظلام، أتساءل عمَّا دور عيوننا والظلام يلف المكان بالجمع ولا تفرد فيه لرؤية طيف نور حياة نيرة….