آخر الأحداث

عندما يتكلم الصمت في البور وأسامر سيقول نحن التْمَاْرْتْ والمعقول والفايَتْ وليس مكرضول

هيئة التحرير21 أغسطس 20250 مشاهدة
عندما يتكلم الصمت في البور وأسامر سيقول نحن التْمَاْرْتْ والمعقول والفايَتْ وليس مكرضول

صبري الحو*

الخميس 21 غشت 2025 – 16:40

أبدا لم يكن الانتماء للبور وأسامر عارا ولا تهمة، بل التزام ووزر شخصيّ على عاتق بناته و أبنائه أجمعين، متحدين متضامنين ومتراصين لتنميته وإشعاعه وخدمته في صالح الساكنة. فالعروس لا يمدحها سوى والدتها.

و الفعل يكون بالمبادرة الفعلية وفي الميدان كل من موقعه وحسب قدرته واستطاعته وضمن مجال عمله و دائرة اهتماماته. لإظهار أوجه قوة البور وتنوع أسامر عن بقية الانتماء الوطني الكبير، الذي هو جزء لا يتجزأ منه ولا يبتر منه .

فخدمة البور أسامر ليست بتبخيسه، وكأنه مهجور وخال و وصحاري وسخاب جرداء قاحلة. ووصفه جهنم فوق الأرض أو جزيرة وقواق، وأنه عواصف رملية و وعورة وحصى و شوكا وحنظل وعلقم . فهو ليس حمم وليس الحرارة المفرطة وليس البرد القارس، وليس شحا وندرة وقلة وعطشا وجوعا. بل هو الرطب والورود. وهو التين والزيتون والرمان ، وهو الأمن والأمان، وهو الدفئ و الشموخ و الصمود والكرم والتضامن والعطاء .

خدمة أسامر ليست بتسفيه ساكنته و حصرهم رمزا لعدم الرضاء و المناورات والدسائس والحقد والنفاق. فالغير، وقبل نرجسية حب الذات و مدح الأنا، يشهد أنهم رمز للثقة و طبع الوفاء في العمل و مثال للصدق و الإخلاص في المعاملات.

و الله إعمرها دار التي نستعملها نحن معكوسة تقليلا وتصغيرا منا، هي جلد مجاني للذات، و ليست وصفا وقاعدة تحيل آليا إلى الغباء. كما أنه ليس مجاملة ولا منة بل شهادة استصدرها أبناء الجهة عن جدارة واستحقاق. فقط، لا يفرحون بذكر مناقبهم خشية سقوطهم في شر مدح النفس، الذي يذهب به بهاء صاحبه.

خدمة ألبور ليس بتشويه نخبه ومثقفيه ونعتهم بالانتهازيين والأنانيين. بل هم عنوان و شعار وسفراء له، ودليل القدرة على التحمل و اعادة النمو والإزهار والإثمار بالعمل والنباهة والذكاء. فقد برحوا المحيط الى خارجه في الغربة، في كل بقاع العالم، جبرا وكرها بحثا عن العمل في أرض الله الواسعة، وليس سعيا خلف معنى المتعة واللذة والشهوة. وأثبتوا تواجدهم ومكانتهم دون انسلاخ ولا انصهار، و حافظوا على انتمائهم للبور وأسامر وللوطن ككل.

ولم ينقطع اتصالهم بالبور وأسامر جيلا بعد الآخر فحببوه لأبناءهم وأحفادهم . وكم انتشي ويسعدني أن استرق السمع في لعلاوي وإغرمان و في جنبات سواقي الواحات، تحت ظل شجر الزيتون والنخيل وفي المقاهي لحديث يافعات ويافعين من أبناء أسامر، قدموا من الخارج ومن بقية مدن وجهات المغرب وهم يتواصلون بكل لغات العالم؛ هن وهم في محادثاتهم مفتخرات و معتزون بأصولهم و بانتمائهم للبور وأسامر الذي لم ينقطع، و يتواعدون باللقاء في العطلة المقبلة. أليست هذه اللوحة لوحدها رسالة كافية جامعة مانعة لكل الاجيال وبكل لغات العالم ان أسامر بماضيه وحاضره ومستقبله منفتح و اكبر من كل الوعاءات الضيقة التي نريد حشره فيها؟

تتعاقب الأجيال، والجميع يتباهون بالأصل، الذي يصل في حبه حد الشوفينية و النرجسية بمعناها الايجابي ، في تميزهم عن غيرهم. وكم الصورة شبيهة بلوحات فنية من الروعة و الجمال، وهي كذلك وأنت تراهم يرجعون إلى الأصل ومن أجل الاحتفال باعراسهم جماعة متزينات ومتزينين بأعبروق وتكرزيت وتشطاط وأحروي وتحرويت وتسبنييت وبدني وإسغناس وتزريت وأقيدور …

أبناء أسامر الغائبون الحاضرون لا تُزَحْزَحُ صلاتهم و مكانتهم؛ فهي ثابتة أصيلة ومتجددة. وليس من حقنا نفي انتمائهم او التشكيك فيه. أو نجحد مساهماتهم وننكر مشاركتهم. أبناء ايت خباش والريصاني وأرفود صنعوا سحر مرزوكة . وأبناء تدغت صنعوا علامة مضايق تودغى وأيت سدرات وأسكيس وأمسمرير صنعوا علامة عالمية لمضايق تسطرين. ميتوريت لأيت أعوش في النيف وبولعجول كعلامة صنع محلية معروفة لدى كل الشباب الأوروبي المهووس بالمغامرة وحب السفر عبر السيارات العتيقة لاكتشاف المغرب .

وسيدي موح في تازارين رمز لمستثمر نجح بالصبر في تحويل القفار إلى ملجأ ومحطة للراحة و عنوانا لنظرة استراتيجية . و ملتقى أيت ولال للمهاجر علامة لاسم جماعة أيت ولال الـمغمورة، وهي تزحف نحو الوطنية بفضل كفاءاتها. ورصامي لحسن المعروف بأُلكتوس في تامسينت رمز وعلامة للكرم والضيافة وحسن الاستقبال.

وفرقة تزويت بقلعة مكونة سفيرة إمكون عبر العالم وصاغرو باند وأحمد أهاشم بملعب وعمر الطاوس وكجي بكلميمة. و فرقة الكدرة العالمية بزاكورة وفرقة ايت اوزين لأحيدوس التي تغرد حاليا، همسا في قلوب كل العاشقين بإيقاعات موسيقى الصحراء ، و اخترقت الغشاء الخارجي للأفئدة إلى عمق الجوهر على حد تعبير شوبنهاور، دون نسيان فرقة تامونت وعمي بامو للفكاهة والرسام الزياني الذي سافرت لوحاته كل العالم وعبرت شخصياته كل الحقب الزمنية .

و جاشت مشاعر الانتماء وحب الجهة وقادة تحت رماد نار خامدة. فمن ألهب مشاعر الاعتراف لدينا ولديكم لكل من صاغرو باند و تواركيت، موحى ملال، و تاسوتا نيمال، و احماد اوهاشم وأبنائه عمر في ملاعب ، موجان بالريش وإجود ببومالن دادس و تانكارفا، تاكراولا، تارولا ، وتازدمت وأساكم ودردبة واللائحة طويلة واعتذر عن عدم ذكر البقية هؤلاء ولأمثالهم وهم كثيرون واللائحة طويلة…

ومن حرك مثلما فجر نار الابداع لدى كل هؤلاء؟ ؛ انه الايمان بالانتماء والتزامهم بالعطاء. في حضورهم المادي يصنعون القيمة وفي غيابهم يصنعون القيمة المضافة. البور وأسامر هو الكنز الذي لا يفنى. هو مرادف للهدوء والسكينة، و الوئام والإخاء والتضامن. ومن الظلم أن نختزله في مكرضول و التبخيس والعدمية.

ايت البور واعون أن السعادة ثمينة غالية، واخفوها في صدورهم يخرجونها باحتشام واعتدال خشية جرح من لم يحظى بنفس القدر من تلك النعمة. و لأنها أصيلة وحقيقية لا تبذر سفها. و أما الترف والضحك المزيف والقهقهة والابتسامة الصفراء فهو بضاعة رخيصة ورديئة لا مكان لها في أسواقهم.

أسامر بنسائه ورجاله وشبابه، بشيوخه وكهوله كلهم التمارت و المعقول و الفايت والإيثار والتضحية والتضامن في صمت وبدون منة. وعندما يتكلم الأبكم سيقول أسامر والمغرب الشرقي لكل أبنائه ولكل من يؤمن به.

اسامر ليست عقيمة ولم تكن ابدا كذلك، فقد أنجبت نساء شامخات ورجال بقامات الجبال اخلاقا وعلما وشهامة ووطنية وغيرة. اعلام اسامر في كل المجالات وفي كل الحقب لا تسع سيرتهم وعطاءاتهم كل الموسوعات. نساء ورجال خلفوا لنا جيلا من الجواهر الثمينة حظيت بشرف معرفة الكثير منهم والتواصل معهم سواء من خلال احتكاكنا الوظيفي او من خلال الدبلوماسية الموازية حول وحدتنا الترابية والترافع حول مختلف القضايا المنتصرة لمغربيتنا سواء مع مغاربة العالم في ديار المهجر وعلى أرض الوطن او اشقاءهم وطنيا.

لقد لامسنا من خلال هذه الاحتكاكات معدنهم الأصيل وذكاءهم الثاقب وعبقرينهم التي شهد بها القريب والبعيد وداع صيت نزاهتهم ومصداقيتهم وكفاءتهم حتى بلغ الاعالي. قد لا تحضرني كل الاسماء وهي حاضرة ولو لم اذكرها ، كيف لا نفتخر باسامر الذي انجب لنا موحى ومان و الدكتور العميد مولاي ابراهيم سدرة والدكتور العلامة مولاي ابراهيم ايت بن احساين والدكتور المتميز سعيد العنزي تاشفين والمدير محمد ختوش والمدير أحمد اوباري والاستاذ لحسن البرمي والدكتور الحسين شنوان والدكتور مصطفى تليوا ورمشون يوسف و رمشون عدي وطالبي الحسين وأمقران لحسن وأسعى عبد الله والصوفي عبد العزيز والمير يوسف ومماد وناصر مدغري وزايد أوصبع وأفرزيز…

ساخصص مقالات مستقبلا للحديت بتفصيل عن العطاءات و السير الذاتية لكل هؤلاء ولاسماء وازنة كثيرة لا يمكن لهذا المقال استيعابها كلها….

افلا يحق لنا ان نفتخر بكل هؤلاء وبامثالهم لما اعطوه وما زالوا يعطونه ؟

*محامي بمكناس
خبير في القانون الدولي قضايا الهجرة ونزاع الصحراء
الرئيس العام لأكاديمية التفكير الاستراتيجي درعة تافيلالت