صبري لحو
الاثنين 16 شتنبر 2024 – 21:38
من ذكريات طفولتي الراسخة؛ أن مناسبة الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي” تيروايين”. كانت والدتي اطال الله في عمرها ورزقها الصحة والعافية تحرص أشد الحرص على استيقاظنا المبكر لمراقبة رقصة الشمس بميلاد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
و كنت اتسابق انا وشقيقتي نعيمة في دروج منازلنا المبنية بالتابوت الطيني ، حتى اخر سقف في آخر غرفة في اعلى السطوح، ونركز اعيننا في اتجاه الشرق، نراقب طلوع الشمس ، فاذا بزغت امعنا النظر فيها بدون ان ترمش اعيننا لعدم افلات لحظة رقصتها .
وكنت اشعر بحرارة الدموع تطفح على جنبات الخد لشدة الامعان، وحرارة اشعتها الناصعة والملتهبة في الصحراء، حيث لا ضباب ولا سحاب بحجبها ويخفف من شدة لمعانها وحرقتها.
و بعد ان نصاب بالعمى، ولا يظهر لنا سوى وميض اصفر وابيض لكون الأعين اغرورقت كاملة بالدموع، نمسحها بعباية العيد الجديدة، التي لم تكن دائما في مستطاع توفيرها الا ناذرا، و نتلمس الجدران للنزول والهبوب الى تسقيفت او أحانو لتناول فطور الصباح.
والفطور عبارة عن المحمصة ” الطعام محليا” ، تسقيه الأمهات بصلصة خاصة ، تعدها بالسمن المغلي مع البصل المفروم( تيماريغين)،مع توابل الفلفل الأحمر الحار والملح.و كانت لذة الطعام في مذاقه الذي يميل الى الحار المالح، حيث تخلط الصلصة بالمحمصة .و في العادة تمتزج هذه الأكلة ببقايا الحناء اليابس في ايدي الأمهات ، لأنهن يتزين به ولا يغسلنه خشية تباهت الوانه.
وكانت نساء القرية يتنافسن في من يقدر منهن على جلب اجود الحناء وفي حرصهن على عدم تسرب الماء اليه اطول مدة ممكنة، لمنح الوقت الكافي للتفاعلات يتحول لون الحناء في ايديهن من الأحمر الى الأسود.
ويسمى ذلك “ياغاس اس افلانتا ” أي شاعل للمرأة الفلانية. وتتباهى بذلك المرأة الفائزة حتى حلول مناسبة اخرى للمنافسة التلقائية بدون عناد.